قال الدكتور «محمد البرادعي» مدير عام وكالة الطاقة الذرية السابق إن الديمقراطية غابت عن مصر لما يزيد على 50 عاما، وفقد كثير من الناس الثقة في قدرتهم على تغيير الأوضاع، مشيرا إلى أن الديمقراطية ليست "قهوة سريعة الذوبان" ولكنها "محتومة". وتوقع البرادعي في حواره لصحيفة «دي برسى» النمساوية الذي أجرته معه وزيرة الخارجية السابقة «أورسولا بلاسنك»، أن تظل مصر "مأزومة" بدون الديمقراطية. وردا على سؤال حول من يكتب سيناريو حركة الديمقراطية في مصر، قال البرادعي: الناس والطلاب وخريجو الجامعات ممن تتراوح أعمارهم بين العشرين والثلاثين عاما، وهو أمر مشجع حقا، مضيفا:"جاءت الحركة برمتها منذ عام على أيدي الشباب ولم أكن أعلم، فقد طالبوا بأن يكون البرادعي "رئيسا لمصر" في إحدى مجموعات موقع «فيسبوك» دون استشارتي مسبقا، وهنا بادرته أورسولا:"ألم تخطط للقفز في الحلبة ضد مبارك بعد نهاية فترتك في منصب المدير العام وكالة الطاقة الذرية؟ وهو ما رد عليه البرادعي بالقول:"لم تكن فكرتي على الإطلاق، لقد جاء الأمر برمته في غياب مرشح آخر أمامي، كانت لدي خطط أخرى، مداعبا المحاورة:" كنت أرغب في تناول الغذاء مع أورسولا (ضاحكا) في طريق فيينا الدائري وكنت أريد أن أعيش في فيينا وأن أجعل من بيتي في «جاسكوني» منتدى للمناقشات حول الطاقة ونزع السلاح. واستدرك البرادعي بأنه "عندما اقترب هؤلاء الشباب مني والذين يسعون بدأب إلى التغيير السياسي كان علي أن أرد، وفجأة وجدت نفسي مستغرقا في هذه الحركة مجددا. وتابع:"بلغ عدد المؤيدين لي في مجموعة «فيسبوك» 250 ألف شاب، وهو عدد كبير قياسا إلى بلد مثل مصر، الذي لا يستخدم فيه الانترنت بكثرة. وسألته أورسولا :"متى قررت أن تصبح نشطا سياسيا في بلدك؟ فأجاب بأنه لم تكن هناك بداية وليس هناك نهاية، لقد تطور الأمر من تلقاء نفسه، وأنصح الشباب في مصر في هذا الوقت بأن يكتبوا سيناريو مستقبلهم، بوسعي أن أنصحكم وأن أنسق معكم وأسعى إلى توجيه الرغبة في تغيير حقيقي، و الذي يجب أن يكون تغيير بمنأى عن العنف. وقال:"الناس تريد مخلصا على فرس أبيض، لكن كل فرد مسئول عن التغيير السياسي، فهذا الشعور بالمسؤولية الشخصية في الوقت الحاضر يوجد في مصر والعالم العربي بالكاد"، منبها إلى أن اقتلاع النظام القائم منذ قرابة الستين عاما واستبداله بنظام ديمقراطي "عملية مقعدة". وانتقد البرادعي الأوضاع في مصر ، موضحا أن 42 % من 80 مليون مصري يعيشون على أقل من دولار في اليوم إلى جانب اتساع الفجوة الاجتماعية وتقييد الحريات الشخصية منذ 30 عاما بمقتضى قانون الطوارئ واعتقال عديد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، مما يؤدي إلى شعور عميق باليأس، لكن يجب أن يتم يتحقق التغيير بأسلوب عقلاني لا يتصف بالعنف. وبادرته أورسولا:" وهل تغضب من الوضع في مصر؟ فقال البرادعي:"نعم أنا غاضب ولكن غضب بنًّاء، فمصر تستحق أفضل، فهي تملك موارد رائعة، وكنت أشعر منذ عدة سنوات بأن شيئا يجري في الاتجاه الخاطئ في كل من السياسية الداخلية والخارجية، فمصر لم تعد مركزا للعالم العربي. وأضاف:"كل مرة كنت أزور فيها القاهرة كرئيس لوكالة الطاقة الذرية، كنت أقول للرئيس مبارك إن هناك حاجة لتغير الأوضاع إذا ما كانت مصر تريد التحرك إلى الأمام، فكل الآراء التي أعلنتها ليست مفاجئة لمبارك. وسألته أورسولا، و متى تحدثت إلى مبارك في هذا الصدد؟ فأجاب البرادعي: "منذ نصف عام مضى فقد كان دائما يستمع إلى حتى وإن لم يتصرف وفقا لأفكاري. وردا على سؤال "لماذا ينبغي أن تعدل الحكومة الدستور ثم تحفر قبره؟" قال البرادعي إن حركة الديمقراطية تنتشر كما تسير النار في الهشيم، وهو ما يثير ذعر الحكومة، فقد كتب شخص ما بأنني مثل عود ثقاب بالقرب من برميل بارد، ولكن حتى إذا اختفى عود الثقاب فإن برميل البارود سوف يظل هناك.
