انتخابات اللجان النوعية لمجلس النواب.. اليوم    وزير الري يبحث مع السفيرة الأمريكية بالقاهرة سبل التعاون المشترك    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    أسعار الأسماك اليوم الأربعاء 2 أكتوبر في سوق العبور للجملة    ارتفاع أسعار النفط العالمي عقب هجوم إيران على إسرائيل    رئيس اقتصادية قناة السويس يشارك بمنتدى الأعمال المصري بمارسيليا    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 2-10-2024 بالبنوك المصرية    إزالة 11 حالة تعد على الأراضى الزراعية ب 3 مراكز بكفر الشيخ.. صور    شركة ليوني مصر تعتزم إقامة مشروع توسعات لإنتاج الضفائر الكهربائية بالروبيكي باستثمارات 40 مليون يورو    الحوثيون يستهدفون 3 مواقع إسرائيلية ويتوعدون باستهداف مصالح أمريكا وبريطانيا    استشهاد 49 فلسطينيًا وإصابة آخرين في عدوان على خان يونس وأماكن تؤوي نازحين    الكشف عن تفاصيل انفجارين قرب السفارة الإسرائيلية في الدنمارك    بليغ أبو عايد: الاستهتار سيطر على لاعبي الأهلي أمام الزمالك في السوبر    موعد مباراة ليفربول وبولونيا والقنوات الناقلة في دوري أبطال أوروبا    نجم الزمالك السابق: عمر جابر كان يستحق التواجد في منتخب مصر    اليوم.. طقس حار نهارا معتدل ليلا والعظمى بالقاهرة 30 درجة    النشرة المرورية.. زحام الطرق على الرئيسية فى القاهرة والجيزة    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الطالبية دون إصابات    إعلام إسرائيلي: مقتل جندي متأثرا بإصابة في حدث أمني على الحدود مع لبنان    «الإفتاء» توضح حكم الشرع في إهمال تعليم الأبناء    رئيس الرعاية الصحية يلتقي رئيس جمعية الرعاية الصحية الفرنسية لبحث سبل التعاون    بالصور.. نجوم الفن في افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    تجديد حبس 5 أشخاص بتهمة تصنيع المخدرات في بدر    النيابة تطلب التحريات في واقعة إقدام فتاة على إنهاء حياتها بالمرج    نجاة شقيقة إيمان العاصي من الموت.. أحداث الحلقة 14 من مسلسل «برغم القانون»    اليوم.. مجلس النواب يعقد أولى جلساته في دور الانعقاد الخامس    مصرع 3 أشخاص وإصابة 2 في تصادم سيارتين بطريق مرسى علم    حكم زيارة قبر الوالدين كل جمعة وقراءة القرآن لهما    الأوقاف تختتم مبادرة «خلقٌ عظيمٌ» بمجلس حديثي في مسجد الإمام الحسين.. الخميس    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأربعاء 2 أكتوبر    عاجل - أوفينا بالتزامنا.. هذه رسالة أميركية بعد هجوم إيران على إسرائيل    انتخابات أمريكا 2024| وولتز يتهم ترامب بإثارة الأزمات بدلاً من تعزيز الدبلوماسية    أمين الفتوى: الأكل بعد حد الشبع حرام ويسبب الأمراض    ترتيب دوري أبطال أوروبا قبل مباريات يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الآخر لعام 1446 هجريا.. اليوم    مصرع قائد تروسيكل في حادث تصادم سيارة ب صحراوي سوهاج    طريقة عمل الطحينة في البيت، بأقل التكاليف    احتفالات في بيروت بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل    الجيش الإسرائيلي يقصف أهدافا في بيروت    بدء فحص طلاب المدارس بكفر الشيخ ضمن حملة القضاء على البلهارسيا    طريقة حل تقييم الأسبوع الثاني علوم للصف الرابع الابتدائي بعد قرار الوزير بمنع الطباعة    «شايل شرايين ومحدش كاسر عيني».. أحمد سليمان يوجه رسائل نارية بسبب السخرية من ارتداءه «شبشب»    عاجل.. مفاجأة كبرى بشأن مستقبل علي معلول مع الأهلي    برج الدلو.. حظك اليوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024: العند يهدد صحتك    عبدالغفار: «100 يوم صحة» قدمت 97 مليون و405 آلاف خدمة مجانية في شهرين    حازم إيهاب مازحا مع مخرج مسلسل انترفيو: "بيقول عليا غلبان ورغاي"    «أغنية كل أسبوعين».. ماذا حققت أغاني عصام صاصا التي طرحها خلال حبسه؟    إلهام شاهين: سعيدة بالتكريم في مهرجان المونودراما وأكره الحروب وأنادي بالسلام    الداخلية يضم ميدو العطار لاعب الترسانة    بطريرك الأقباط الكاثوليك يشارك في رتبة التوبة    ختام كورس ألف مُعلم كنسي "طور" بحلوان    عراقيون يخرجون للشوارع في كرنفالات فرح إبتهاجا بالقصف الإيراني لإسرائيل    سلمى أبو ضيف تهدد بمقاضاة المتنمرين على حملها (تفاصيل)    أديمي يقود دورتموند لاكتساح سيلتك.. وإنتر يتجاوز ريد ستار برباعية في دوري الأبطال    عبد الواحد: تجديد زيزو في يده.. واستبعاد عمر جابر من المنتخب غريب    تقترب من النصف، زيادة جديدة في سعر دواء شهير لزيادة سيولة الدم ومنع الجلطات    في اليوم العالمي للمُسنِّين .. كيف نظر الإسلام لبِرِّ الأبوين في كِبرهما؟    خالد الجندى: من يؤمن بأن "السحر يضر" وقع فى الشرك بالله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جابر عصفور: الوضع الثقافى في مصر أصبح «كارثى»
نشر في المصري اليوم يوم 28 - 10 - 2010

«نقد ثقافة التخلف» عنوان كتاب جديد للدكتور جابر عصفور، مدير المركز القومى للترجمة، انتقد فيه الوضع الحالى للمجتمع المصرى، وثقافة التخلف التى تدعو للعودة إلى الوراء والارتكان على الماضى.
«المصرى اليوم» حاورت «عصفور» عن كتابه الأخير الصادر ضمن مشروع مكتبة الأسرة وضم عدداً من المقالات كان قد نشرها فى صحف متنوعة. ووصف «عصفور» الوضع الثقافى والسياسى الراهن بأنه كارثى، مطالبا بتشكيل حكومة ائتلافية وجبهة إنقاذ وطنى للخروج من المأزق، وإلا فإن مصر ستواجه مصير الدولة العثمانية عندما كانت تلقب ب«الرجل المريض».
■ كتبت مؤخرا كتابا يحمل عنوان «نقد ثقافة التخلف»، ما الذى عنيته بثقافة التخلف؟
- التخلف بشكل عام هو كل ما يسعى إلى دفع المجتمع للوراء، حيث لا يسمح له بالتقدم، وهذا يعنى نوعاً معيناً من الثقافة، هى ثقافة تقدس الماضى ولا تتطلع إلى المستقبل، وتبدو كأنها مستريبة من المستقبل، كل ثقافة ترفض الآخر وترفض حق الاختلاف ولا تسمح بالحرية والتعددية هى ثقافة تخلف، وهذه الثقافة لها جذور قديمة وليست ابنة اليوم، ولابد من فهم هذه الجذور حتى نواجه المظاهر المعاصرة لثقافة التخلف، وفى كتابى رصدت الجوانب المتعددة لثقافة التخلف فى المجتمع، وأكثرها خطورة وحاولت إعادتها إلى أصولها التاريخية، بما يعين العقل الذى يريد التقدم على مواجهة جوانب مظاهر هذه الثقافة.
■ هل ترى أن المجتمع المصرى يعانى من هذه الثقافة، وإلى أى حد انتشرت ثقافة التخلف؟
- المجتمع يعانى من هذه الثقافة لدرجة أنها أصبحت تشكل كارثة ثقافية، نحن فى كارثة التخلف الذى تفاقم، وأصبح الوضع بالغ الخطورة، وهذا لا يمكن مواجهته إلا بجبهة إنقاذ ثقافية تشارك فيها كل التيارات الثقافية المختلفة.. على الجميع تأجيل الخلافات والتصدى لهذا الخطر الداهم، فمصر فى خطر محدق ثقافيا وفكريا، وهذا يتطلب تكاتف كل التيارات، دون استبعاد لأحد، لأنه لا يستطيع طرف واحد أن يواجه هذا الخطر الداهم، وأن يقدم حلا جذريا للمشكلة، فالوضع هنا أشبه بالوضع السياسى، على مدار التاريخ المصرى عندما تصل الأوضاع السياسية إلى كارثة أو أزمة خانقة، فالحل هو تكوين ائتلاف وطنى، فنذكر مثلا تكوين جبهة بين الأحرار الدستوريين وحزب الوفد، تم على إثرها تشكيل حكومة ائتلافية أصبح سعد زغلول بموجبها رئيسا للبرلمان، وعدلى يكن رئيسا للوزراء، أننا أعتقد - سياسيا - نحتاج إلى حكومة ائتلافية وجبهة ائتلافية وجبهة إنقاذ ثقافى.
■ طالبت فى كتابك وفى أكثر من تصريح صحفى بجبهة إنقاذ ثقافى، ما الذى تم فى هذا؟
- دورى هو أن أقول ما يحدث، وتنفيذ الموضوع مهمة كل الأطراف، طبعا الطرف الذى يحتكر السلطة سيعارض، وواجبنا هو أن نقنعه بالحسنى فإذا اقتنع كان بها، وإذا لم يقتنع فسيكون هذا مما يعجل المسيرة نحو الكارثة، أنا فى اعتقادى أن الأزمة موجودة فى مصر ولن يحلها الحزب الوطنى، لأن المسألة أصبحت أكبر من طاقة حزب معين مهما كان هذا الحزب، فالمشكلة ليست مشكلة سلطات، فمثلا فى مسألة الاحتقان الطائفى ما الذى استطاع الحزب الوطنى عمله، لا شىء، ولن ينجح وحده فى حلها، لأن الحل لن يأتى بشكل فردى، لا بد من وجود جبهة إنقاذ على كل المستويات، وبما أنى معنى بالشأن الثقافى فأنا أقول إنه لا يمكن إنقاذ الثقافة وإعادة عافيتها لممارسة دورها الرائد من جديد وإعادتها إلى وضعها القديم.
■ كلامك معناه أن الثقافة ليست فى حالة جيدة؟
- الثقافة المصرية فى أسوأ أوضاعها، وهنا لا أعنى المنتج الإبداعى الأدبى لأن هذا متميز جدا، لكن ما أعنيه هو الوعى المجتمعى، ما يتعلق بالتعليم والإعلام والفكر الدينى السائد والعقليات والعادات الاجتماعية، الثقافة هنا بالمعنى الشمولى وليس بالمعنى الضيق الذى ينحصر فى الإبداع والفنون، وهى مهمة وزارة الثقافة، هذه الثقافة المجتمعية هى شىء معقد مركب يسهم فيه طرفان أساسيان، الأول هو الدولة ممثلة فى 4 وزارات هى «التعليم والإعلام والثقافة والأوقاف» والمجلس القومى للشباب، والثانى هو المجتمع المدنى بأحزابه وجمعياته.
■ ما السبب فى هذا الوضع الكارثى؟
- هناك أسباب متعددة جدا، سياسية واجتماعية واقتصادية، وحتى جغرافية، خاصة ببناء المدينة وعشوائياتها، حزمة من السلبيات تراكمت وأدت إلى هذا الوضع، فى الستينيات كانت هناك ديكتاتورية ناصرية واعتقالات، لكن كان هناك حلما قوميا يشد الناس ويدفعهم للمستقبل، الآن ليس هناك حلم قومى، حتى الأحلام القومية الكبيرة وأدناها، فمثلا الانتصار الهائل الذى تم تحقيقه فى أكتوبر، الذى حقق حلما عزيزا للشعب المصرى سرقت وسلبت روحه، الجنود والضباط المسلمون والمسيحيون الذين صنعوا المعجزة، الضابط المسيحى الذى اخترع فكرة خراطيم المياه لإذابة السد الترابى، والمسلم الذى اصطاد عشرات الدبابات بصاروخ على كتفه، أضعنا هذه النماذج وسرقنا معجزتها، وفقدنا روح أكتوبر، مصر الآن مثل الرجل المريض، الذى لابد أن يعالج بكونسلتو، الوضع الثقافى كارثى، وليس هناك دليل على ذلك أكثر من تنابز شخصيتين بارزتين جدا، عندما يقف واحد فى وزن وثقافة محمد سليم العوا، وواحد فى وزن وثقافة بيشوى، ويقولان مثل هذا الكلام، فهذا يعنى أنه حتى الصفوة عندها خلل، فما بال الأطراف الأخرى غير المتعلمة.. المسألة خطيرة وليست سهلة.
■ كلامك يجرنا إلى قضية الفتنة الطائفية، كيف ترى هذا الملف؟
- ليست هناك فتنة طائفية، بل حمق يمارسه بعض الكبار وأطراف تعصبت نتيجة لعوامل معروفة ويمكن رصدها، لكن هذا لن يؤدى إلى فتنة طائفية لأنه لحسن الحظ جذور الدولة المدنية أقوى بكثير مما يتوهم أعداء مصر، هذه الجذور تتمثل فى أن مصر هى الدولة العربية الوحيدة التى بدأت إنشاء الدولة المدنية منذ قرنين، بها أقدم تعليم، فى سنة 1873 افتتحت أول مدرسة للبنات فى مصر، وفى عام 1973 افتتحت أول مدرسة للبنات فى قطر، الفرق 100 سنة من الاستنارة، هذا الميراث هو الذى يحمى مصر من الموت، وليس من الكارثة التى حدثت.
■ لكن هذه الاستنارة اختفت من الشارع؟
- صحيح، لكن حتى فى الشارع - وأنا من مواليد المحلة الكبرى، ومن أسرة فقيرة، ومازلت أذهب إلى المحلة - أعلم أنه يوجد متطرفون، لكن هناك ناساً يعيشون على التسامح الذى تربى عليه الشعب المصرى، هذا التسامح لم يختف، لكنه اختل، الجسد لم يمت بعد، لكن أصابته فيروسات، يسهل التخلص منها لسببين، الأول أنها لم تغز الجسد كله، والثانى أنها تواجه بفيروسات مضادة تحاربها، ولابد من تقوية هذه الفيروسات المضادة، والقيام بثورة جذرية فى ثقافة الشعب.
■ وكيف يتم ذلك؟
- بجبهتين، الأولى إرادة سياسية حاسمة، تؤمن بضرورة وجود الدولة المدنية الحديثة بكل شروطها ومواصفاتها، فيكون هناك قرار سيادى حاسم وصارم بإنشاء دولة مدنية حديثة بما يعنيه ذلك من الفصل بين السلطات والاحتكام للدستور، واحترام القانون والديمقراطية وتداول السلطة، وحق المواطنة الذى لا يميز بين أحد على أى أساس، سواء كان ثروة أو ديناً أو عرقاً، إذا تحققت هذه الدولة من خلال قرار سيادى، وأنشئت مجموعة ثقافية تضم وزارات التعليم والإعلام والثقافة والأوقاف و«القومى للشباب»، على غرار المجموعة الاقتصادية، حتى لا ينسف إمام المسجد ما يبينه التعليم، وتعاون المجتمع المدنى وهو الجبهة الثانية يمكن الخروج من الكارثة، فالمجتمع المدنى أهم شىء فى تاريخ مصر فهو الذى أسس الجامعات والمستشفيات، ولابد أن ينهض مرة أخرى وتكون للأحزاب برامج ثقافية لتوعية الناس بالمستقبل، لو عمل الجناحان سيتغير الوضع فى مصر.
■ هل يعنى هذا أن القضية متعلقة بالديمقراطية التى يطالب بها الكثيرون الآن؟
- أنا ضد اختزال المشكلة الصعبة فى بُعد واحد، هى مشكلة معقدة، نحتاج أولا لقرار سياسى بأن مصر دولة مدنية حديثة، قائمة على مبدأ تداول السلطة فى الحكم والنخب السياسية، فلا يعقل أن يظل رؤساء الأحزاب فى مناصبهم دون تغيير، هذا يعطى إحساساً بالخمول.
■ وكيف تقنع السلطة باتخاذ هذا القرار؟
- نجبرها على التغيير، من خلال الضغط الشعبى والجماهيرى، المثقفون قوة يمكن أن يضغطوا، وكلامى نوع من الضغط، وإذا لم نفلح نلجأ لوسائل تحول التأثير غير المنظور للكلام إلى أشياء فى الواقع، علينا أن نتعلم من الإخوان المسلمين وكيف ينزلون للناس وقت الأزمة. على مؤسسات المجتمع المدنى أن تتواجد مع الناس وتطالب بحكومة مدنية، عبدالرحمن الأبنودى له قصيدة قديمة تصلح للوقت الحالى، يقول فيها «إذا مش نازلين للناس فبلاش»، وهذا الشعار يجب رفعه الآن، لازم ننزل للناس وننقذهم بكل الطرق الممكنة والوسائل المتاحة لاسترداد عقولهم، الناس الآن فى وضع أخطر من الدروشة، فمثلا يخرج داعية جاهل ويسبب كوارث كثيرة، واحد من أصحاب اللحى هؤلاء أفتى بتدمير التماثيل وسرقتها ولولا بعض العقلاء الذين أقنعوه بالتراجع عن فتواه لكانت كارثة دمرت تراث مصر.
■ قلت فى كتابك إن غياب الديمقراطية يولّد العنف؟
- أكيد.
■ هل ترى أن الاعتصامات والمظاهرات الحالية نوع من هذا العنف؟
- هى مظاهر للعنف، نظرية المادية الجدلية تقول إن التغيرات الكمية تؤدى إلى تغيرات كيفية، بمعنى أن هذه المظاهرات ستتحول فى المستقبل إلى عنف، فهى مؤشر إلى ما هو أخطر، ولذلك أقول لا تتركوا الأمور تصل إلى درجة اليأس حتى لا تكون استجابة الناس عنيفة ومدمرة، يجب أن نفتح أمام الناس طريقا للأمل، وإلا فسيكون رد الفعل عنيفا جدا، ما الذى ننتظره من المواطن العادى عندما يسمع أن هناك فيلا تباع بأرقام فلكية، وأن ممثلة تحصل على 12 مليون دولار فى مسلسل، وهو كل مشكلته قوت يومه فى وقت أصبح فيه سعر كيلو الطماطم 10 جنيهات واللحمة 80 جنيهات، ما المطلوب من موظف لديه أسرة و3 أطفال، و3 أمثال راتبه لا تكفى قوت يومه، فى البداية سيتظاهر ويعتصم، ثم سينفجر، نحن فى وضع كارثى، وإذا لم ننتبه فالطوفان قادم، لم يعد من المسموح السكوت، والعاقل هو من ينصح نفسه والدولة ومن حوله، إذا نظرنا إلى المجتمع المصرى من القاع فالصورة المقبلة مخيفة إلى أبعد الحدود.
■ أنت تطالب بجبهة الإنقاذ وحذرت من الكارثة، لكن لا أحد يسمع، ولا شىء يتغير؟
- ماذا أستطيع أن أفعل، أنا لسان حالى الآن كما يقول بطل مسرحية صلاح عبدالصبور «مسافر»: «ماذا أفعل.. لا أملك سوى كلماتى.. وأنا أعزل.. وهو بيده خنجر»، كل ما يستطيع المثقف فعله هو الكلام وعدم الصمت لأن الصمت مشاركة فى الجريمة، عليه أن يتكلم ويقول، وهذا أضعف الإيمان ويبدو أنه ليس أمامنا سوى أضعف الإيمان.
■ هل هذا يأس؟
- ليس يأسا، أنا مسؤول فى الدولة وأقول هذا، وكلامى قد يرضى البعض ويغضب المسؤولين فى الدولة.
■ وصفت مصر بأنها مثل «الرجل المريض»، وهذه الصفة كانت تطلق على الدولة العثمانية قبل انهيارها، فهل تتوقع لمصر نفس المستقبل؟
- نعم، نفس المستقبل، ماذا جرى للتعليم المصرى، فى فترة من الفترات أخرج هذا التعليم مصطفى مشرفة باشا عالم الذرة الهائل حجماً وقيمة، وحتى الستينيات كان التعليم يخرج علماء مثل أحمد زويل وإدوارد سعيد، كان متماسكا، ما الذى جرى له وجعله ينحدر هذا الانحدار بشكل متسارع والنتيجة واضحة، فمصر خرجت من مقياس أهم 500 جامعة فى العالم، حتى على مستوى التعليم الخاص، الذى يعتبر الأهم فى الولايات المتحدة، حيث إن أهم جامعات الولايات المتحدة جامعات خاصة، أما فى مصر فالجامعات الخاصة أشبه بالمدارس الثانوى بلا نظام أو قواعد، وتتميز بعشوائية شديدة.
■ ما السبب فى هذا؟
- سياسات خاطئة ووزراء غير أكفاء، ليسوا أصحاب رؤى، الوزير لابد أن تكون لديه رؤية يناقشها مع الناس علانية، لو تحدثت مع وزير التعليم العالى الحالى لن تجد لديه رؤية حقيقية واضحة، أما الإعلام فهو ضعيف، ومازال يعانى مشاكل فى الحريات، فهو متذبذب، هل نعطى الحرية أم نأخذها، المشكلة ليست مسألة إمكانيات مادية، لكن الكارثة أنه لا يوجد تخطيط ولا رؤى.
■ تتحدث عن الإرادة السياسية ودورها فى الحل، وأنت التقيت الرئيس حسنى مبارك مؤخرا، فهل نقلت له مخاوفك؟
- قلت له مخاوفى وهو لحسن الحظ رجل سمح جدا يتقبل الاختلاف بصدر رحب، كنت منفعلا وهو احترم انفعالى وسألنى بعد عرض مظاهر الوضع «ما العمل؟» فاقترحت ما اقترحته الآن وما سوف أكتبه وما كتبته من قبل ووافقنى على ما ذهبت إليه.
■ إذا كان الرئيس موافقا فهذا يعنى أن الإرادة السياسية التى تحدثت عنها موجودة، إذا فما المشكلة؟
- حينما يوافق رئيس الجمهورية لا يمكن أن أطلب أكثر من ذلك، وهذا يعنى أن الإرادة السياسية متوفرة، لكن عندما تخرج هذه الإرادة السياسية تمر عبر فلاتر، آمل أن تكون هذه الفلاتر على نفس درجة الوعى والإدراك لما يحدث.
■ تكلمت عن تداول السلطة وعن الدولة المدنية، فهل قلت للرئيس ذلك؟
- أعتقد أن هذا المعنى وصله أيضا، هناك آداب للحديث مع الرؤساء، وأنا شعرت أن المعنى وصله، وأعتقد أنه سيرشح نفسه فى الانتخابات المقبلة، لكن برنامجه سيكون مختلفا جدا هذه المرة، لأن الظروف مختلفة.
■ حدثت مشكلة مؤخرا بين المثقفين ووزير الثقافة بسبب تعريف المثقف، والوزير كان يرى أن المثقف هو عضو المجلس الأعلى للثقافة، فما تعليقك على هذا التعريف؟
- أنا أعرف وزير الثقافة جيدا، وأعتقد أنه لم يكن يقصد هذا المعنى، وأستطيع أن أفهم ما الذى كان يقصده من هذه الجملة، ومؤتمر المثقفين كما قال الوزير مفتوح أمام جميع التيارات، ولن يُمنع أحد من المشاركة فيه.
■ وزارة الثقافة هى من بين الأماكن التى تحتاج أيضا إلى تداول سلطة؟
- مفيش كلام، أنا منذ 10 سنين قلت لنفسى إننى سأخرج من الوظيفة بعد إنشاء المركز القومى للترجمة وتحقيق حلمى فى ترجمة الكتب لتثقيف الناس، وأعتقد أن وزير الثقافة يريد ترك مقعده لكن أمامه هرمان ينبغى الانتهاء منهما أولا، هما متحف الحضارة والمتحف الكبير، هناك مشاريع يجب إنجازها.
■ علاقتك بفاروق حسنى جلبت لك الكثير من النقد، ووصفك علاء الأسوانى بأنك «حامل أختام فاروق حسنى»؟
- لكل شخص رأيه، وأنا لا أعترض على هذا، وأحترم حق الاختلاف، وهذا الوصف هو نكتة بالنسبة لى، لأن الوزير ليست لديه أختام لأحملها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.