اقرأ جيداً ما ينشر عن حرب أكتوبر فى ذكراها، وما يشاهد عنها، وأحص كم مرة ورد اسم المشير أحمد إسماعيل، القائد العام للقوات المسلحة أثناء الحرب، أو الفريق سعد الدين الشاذلى، رئيس الأركان، وكلاهما كانا فى ذلك الوقت- بحكم المسؤولية- يرأسان اللواء طيار محمد حسنى مبارك، قائد القوات الجوية فى ذلك الوقت، وقارن ما تُحْصِيه بما ورد عن الرئيس مبارك. ليس هذا تقليلاً من شأن أحد، ولكنه محاولة لمواجهة هذا «التقطيع» للنصر، وكأنه كان انتصار قطاع أو شخص بعينه، فى حين كانت معجزة الحرب الأولى هى هذه السيمفونية البشرية المتناغمة، التى تم عزفها بانسجام مذهل فكان الانتصار العظيم. فى القوات المسلحة، حيث يُصنع الرجال، يتعلمون هذه القيم النبيلة، تجمعهم روح الفريق، يذوبون جميعاً فى الهدف الأسمى فيتحركون ككتلة واحدة، تحركهم عقيدة واحدة لا تؤمن إلا بالوطن، واللواء طيار حسنى مبارك أحد هؤلاء الرجال الذين صنعتهم هذه المدرسة الوطنية، لهذا اختاره الرئيس عبدالناصر ليكون مديراً للكلية الجوية فى فترة حالكة تستعد مصر فيها لإعادة بناء قواتها المسلحة، فيتولى مهمة إنتاج الطيارين الذين شاركوا- بعد ذلك بسنوات- فى جلب النصر، واختاره الرئيس السادات ليقود هؤلاء الطيارين خلال الحرب، وبعدها ليسلمه المسؤولية من بعده. ولا أحد يمكن أن يشكك فى بطولة اللواء طيار حسنى مبارك، فمجرد وجوده بين هذا الفريق الاستثنائى فى تاريخ مصر شرف ما بعده شرف، وبطولة لا أعظم ولا أجلَّ منها، كما لا يستطيع أحد التشكيك فى أهمية الضربة الجوية ودورها فى فتح باب العبور، ولكن كان من المفترض من هذه الجوقة، التى حاولت السطو على النصر لصالح شخص واحد وهو منهم براء، أن يتعلموا منه حين وقف، والمعارك لا تزال جارية، ليزف لمصر نبأ الانتصار، ويشرح نجاح الضربة الجوية، ويقول بالنص: «مش بقول إن القوات الجوية هى اللى جابت النصر.. القوات المسلحة كلها هى اللى صنعت الانتصار.. لكن الضربة الجوية كانت مفتاح النصر». يعرف اللواء طيار حسنى مبارك جيداً معنى الحرب، ويدرك حجم التضحيات التى حدثت لبلوغ الانتصار، لذلك يقدّر الجميع حق قدرهم مَنْ كانوا على الجبهة ومَنْ كانوا بعيداً عنها متحملين فراق الآباء والأبناء والأزواج رابطين الأحزمة، ومتحملين جوع البطن فى مقابل شبع الكرامة. يعرف اللواء طيار حسنى مبارك جيداً، ويقدّر، كل جندى شارك فى الحرب، وكل شهيد جاد بروحه فى أشرف ميدان، لذلك لم ينسهم لحظة فى خطاب، ولم يترك مناسبة دون تحيتهم. يعرف اللواء طيار حسنى مبارك جيداً أن كل الشعب المصرى، وكل أفراد القوات المسلحة، كانوا شركاء فى النصر، جلبوه بالدم والصبر، ويعرف أقدار الرجال الذين زاملوه فى غرفة العمليات العسكرية، رفاق السلاح وشركاء المسؤولية وصانعى الانتصار. يعرف اللواء طيار حسنى مبارك أن هذا نصر مصر وكل المصريين.. نصر أجيال وأجيال.. نصر شعب آمن بقواته المسلحة، ووضع كل موارده تحت تصرفها.. يعرف اللواء طيار حسنى مبارك أن هذا النصر كان نصر جيش باسل بأفراده وجنوده وضباطه وقادته الخالدين.. لا نفرق بين أحد منهم.. ونحن بهم جميعاً فخورون..! ■ جزء من نص مطول نشرته قبل عامين فى 9 أكتوبر 2008. [email protected]