هل تعامل البوشى بمنطق جحا؟ فمن نوادر جحا أنه استلف حلّة من جاره، وتانى يوم رد إليه الحلة الكبيرة + حلة صغيرة، وعندما استغرب الجار هذا التصرف، قال له جحا إن الحلة الكبيرة قد أنجبت هذه الحلة الصغيرة.. فما كان من الجار الطماع إلا أن أعطى جحا كل الحلل التى عنده، وبعد عدة أيام سأل الجار عن الحلل، فأعطاه جحا حلة واحدة فقط، وعندما استفسر عن باقى الحلل، قال له جحا إنا لله وإنا إليه راجعون، لقد ماتت كل الحلل، فصرخ الرجل وصاح فى وجهه وقال له: كيف تموت الحلل؟ رد عليه جحا، ألم تنجب الحلل. وهذا ما حدث بالضبط مع البوشى وحالات النصب الأخرى المشابهة، التى انتشرت هذه الأيام، فيكون الطُعم هو الفائدة الهائلة، التى تتحدى أى منطق أو عقل، وكأن الفلوس حقاً تتوالد كما قال جحا!! وأنا شخصياً لم أتعاطف مع هؤلاء الضحايا الذين يريدون ربحاً سهلاًبمجرد الضغط على جهاز اللاب توب موقع شركة البوشى لحصد أرباح هائلة بفائدة تصل إلى 100٪ فى حين أن أقصى فائدة فى البنوك لا تتعدى 11٪ الفرق شاسع وكبير يجعل العقل يقف عاجزاً أمام تفسير هذا الموضوع!! إلا أن يكون هذا مجرد غسل أموال لتجارة مشبوهة بعيدة كل البعد عن حكاية المضاربة فى البورصة!! المال الذى يجىء بسرعة الصاروخ يذهب أيضاً بسرعة الرياح.. وفى النهاية يبقى لنا منطق وفلسفة جحا إذا كانت الحلل تتكاثر وتلد فإنها أيضاً تموت.. وقد أدركها البوشى وفعلها صح!! إن الأموال أيضاً تموت إذا كانت تلد!! إن منطق جحا شديد البساطة والطرافة ولكنه فلسفة تعكس حال هذا العصر، وهذه الظاهرة الخطيرة فى الغنى الفاحش الذى يهبط فجأة على البعض، فى غيبة من الضمير والقانون، ولا الاكتفاء بهذا فقط ولكن الطمع أيضاً وهل من مزيد، وعلى الجانب الآخر يقف نصاب يتلقفهم وهو فى منتهى الشياكة والذوق، والاحترام والأدب - وهذه هى أدوات النصب فى العصر الحديث ليحصد بعض أموالهم.. وإن ربك لبالمرصاد. سلوى ياسين - الإسماعيلية