كشفت منظمات مجتمع مدنى معنية بشؤون البيئة فى محافظة قنا، عن إصابة المئات من سكان بعض قرى المحافظة بالفشل الكلوى والأمراض الصدرية، بسبب ما وصفته ب«التلوث الحاد الناتج عن مصنع قنا لإنتاج الورق»، مؤكدة أن المصنع يقوم ب«تصريف مواد كيماوية خطرة فى مياه النيل»، مما أدى إلى «تبوير 110 أفدنة حول المصنع»، بعد تسرب المخلفات السائلة للأراضى الزراعية المحيطة به. وقررت المنظمات رفع دعوى قضائية ضد الجهات المسؤولة فى الدولة عن هذا التلوث الحاد الذى تشهده قرى المحافظة، مشيرة - فى دراسة حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منها – إلى أن هذه الملوثات أصابت 105 من سكان قرية قوص الواقعة فى نطاق المصنع بمرض الفشل الكلوى فى العام الماضى فقط. وحذرت الدراسة من احتمالية التلوث ب «الديوكسين» الناتجة عن الكيماويات المستخدمة فى مرحلة تبييض الورق، لافتة إلى أن هذه المادة تؤدى إلى تلويث الاراضى المزروعة ومجارى المياه، وهى مادة مدمرة للصحة، حيث تسبب أمراضاً خطيرة، على رأسها السرطان وضعف المناعة واختلال الجهاز العصبى وإجهاض الحوامل أوتشويه الأجنة. وقامت «المصرى اليوم» بجولة حول المصنع وحصلت على صور تثبت التلوث الصادر عنه، وخلال الجولة قال محمد عبد الفتاح، ممثل رابطة الجمعيات الأهلية لتحسين البيئة بقنا ومعد هذه الدراسة «إن تقارير رسمية صادرة عن مستشفى قوص المركزى أثبتت ارتفاع ملحوظ فى مؤشر أمراض الفشل الكلوى بالمحافظة، حيث قارن المستشفى نسبة الإصابة بالمرض قبل إنشاء مصنع الورق بخمس سنوات، وبعد إنشائه بخمس سنوات، فوجد أن عدد المصابين بالفشل الكلوى العام الماضى فقط بلغ 105 مصابين، جميعهم من قرية قوص. وأضاف عبد الفتاح «إن تقارير أخرى صادرة عن الإدارة الصحية بالمحافظة أكدت ظهور حالات اختناق كثيرة نتيجة الروائح الكريهة الناتجة عن مصنع الورق، وكذلك انتشار نوع غريب من الناموس كبير الحجم بكميات ملحوظة، بخلاف تلوث مياه النيل من مخلفات الصرف الصناعى، وقتل كميات كبيرة من الثروة السمكية، فضلاً عن التأثير الضار على النخيل والنبات». وأشار إلى أن مراقبى الصحة قاموا أكثر من مرة بأخذ عينات من المصنع للتأكد من مطابقتها للاشتراطات الصحية والبيئية، وأيضا التحقق من الشكاوى المحولة له من مكتب البيئة بمجلس مدينة قوص، مؤكداً أن جميع العينات أثبتت «مخالفتها للاشتراطات الصحية وخطورتها على مياه النيل والاراضى الزراعية». فى السياق ذاته أكد عدد من أعضاء المجلس المحلى لمحافظة قنا أنهم تقدموا بطلبات إحاطة لرئيس المجلس والمحافظ بشأن التلوث الحاد الذى يسببه مصنع الورق، وخاصة التأثير السلبى على محطة مياه الشرب لمدينة قوص، والذى استدعى تغيير المأخذ الخاص بالمحطة، موضحين أنهم استندوا فى طلبات الاحاطة إلى تقارير صحية وبيئية أثبتت عدم مطابقة العينات المأخوذة من مياه الصرف، الصادرة عن المصنع بالمواصفات السليمة. وقال محمد أحمد، عضو المجلس المحلى، «مصنع الورق بدأ عمله بدون ترخيص منذ 2001، وظل يعمل طوال هذه سنوات وسط تجاهل من الجهات المسؤولة، حتى إنه لم يخضع لإجراء دراسة الأثر البيئى، وهو يصنف من الصناعات الملوثة المضافة للقائمة السوداء، من حيث الصناعات الملوثة للبيئة، وبالرغم من ذلك لم تهتم أى جهة مسؤولة بهذا المصنع المخالف، حتى إنه عندما تأتى أى لجان تفتيش من وزارة البيئة، يقوم صاحب المصنع برش مادة كيماوية تزيل كل الروائح الكريهة الصادرة عن المصنع. وقال عبد الناصر أحمد إبراهيم، ممثل جمعية الشعرانى لتنمية المجتمع، إن الأهالى تقدموا بالعديد من الشكاوى لكل الجهات المسؤولة، ومنها وزارتا البيئة والصحة ومحافظة قنا لإنقاذهم من حجم التلوث البيئى الذى يتضرر منه الاهالى بشكل يومى، حيث إن إقامة هذا المصنع وإنشاءه يخالف قوانين البيئة.
