شهدت لجنة الخطة والموازنة فى مجلس الشعب، مساء أمس، هجوما حكوميا مكثفا على الجهاز المركزى للمحاسبات، حيث اتهم 4 وزراء حضروا اجتماع اللجنة رئيس الجهاز المستشار جودت الملط بعدم وجود أسس حقيقية لاتهاماته للحكومة بغياب دراسات الجدوى لغالبية مشروعاتها، ورفض الوزراء «التعميم» الذى أطلقه الملط حول «تجاوزات» الحكومة، وأكدوا أنهم ردوا على جميع تقارير الجهاز ولم يصلهم أى تعقيبات على الردود. وتغيب الملط عن اجتماع اللجنة تأكيدا لما أشارت إليه بعض المصادر فى الجهاز المركزى للمحاسبات حول وجود أزمة بين الحكومة والجهاز، خاصة فى ظل تواتر المعلومات حول اعتزام الملط الغياب عن اللجنة قبل يوم من انعقادها. وشكك يوسف بطرس غالى، وزير المالية، فى أن تكون التقديرات التى أعلنها الملط حول عدم دقة دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية لمشروعات الحكومة مبنية على دراسات أو تقارير، وتساءل: «الخلاصة التى قالها رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات جابها منين؟». وكشف غالى، خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة، أنه عنف القائمين على متابعة تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات فى وزارته لعدم متابعتهم تقارير الجهاز حول دراسات الجدوى الحكومية ومدى دقتها، غير أنه اكتشف أنه لا يوجد تقرير فى وزارة المالية يكشف صحة ما قاله الملط، وسأل محمد ونيس، وكيل الجهاز المركزى للمحاسبات، الذى حضر نائبا عن الملط، قائلا: «هل لديك تقرير يتناول دراسات الجدوى فى المشروعات الحكومية ومدية دقتها؟». وأضاف غالى أنه من مجمل مشروعات تبلغ قيمتها 34 ملياراً و190 مليون جنيه قام الجهاز المركزى للمحاسبات بحصرها، فإنه كان له ملاحظات على مشروعات تبلغ قيمتها 582 مليوناً أى ما يمثل 1.7% فقط من قيمة الإنفاق، وقال: «لو واحد بيبيض غرفة فسيكون هناك خطأ بنفس النسبة». ورد ونيس بالتأكيد على وجود دراسات تؤكد ما طرحه الملط على المجلس، مضيفا أنه يوجد 140 تقريراً نوعياً، كل تقرير يشمل ملاحظات الجهاز حول الرقابة المالية ورقابة الأداء، وترسل جميعا إلى رئيس مجلس الشعب، مضيفا أن التقارير المتعلقة بأعمال وزارة المالية فقط هى التى ترسل إليها. وأورد ونيس مجموعة من الأمثلة حول وجود خلل فى الدراسات المالية والفنية فى مجال الصرف الصحى فى كل من مرسى مطروح وإيتاى البارود ورشيد، مشيرا إلى أن الجهاز لم يقل إن الحكومة لا تجرى دراسات عن مشروعاتها كلها ولكن الكثير منها لا تجرى دراسات جدوى فنية ومالية دقيقة، إلا أنه أكد أنه لا توجد «عمومية» فى تصريحات الجهاز المركزى حول تراجع دراسات الجدوى. ومن جانبه،أكد أحمد المغربى وزير الإسكان سعادته بإزالة «سوء الفهم» بشأن تصريحات الملط بأن الغالبية العظمى من المشروعات لا تقوم على دراسات جدوى سليمة، مشيرا إلى أنه كان قد أعد ردا عاما يوضح جهود الوزارة ودراسات الجدوى التى تعدها قبل تنفيذ مشروعاتها، غير أن حصر ونيس ل3 حالات فقط يوضح الأمر، مشيرا إلى أن وزارة الإسكان تعمل فى 2200 موقع لا يمكن تجنب المشاكل فيها كلها، وإلا أصبح الأمر مثل مبدأ «لا تقربوا الصلاة». وعقب ونيس على تصريحات المغربى بأن لديه الكثير من الأمثلة على سوء التقديرات فى مجال الصرف الصحى، ولكنه أورد 3 فقط.وطرح ونيس بعض الأمثلة حول سوء تخطيط المشروعات فى وزارة الرى وتشمل المشروع القومى للصرف المغطى ومشروع ترعة السلام ومشروع ترعة الصف، حيث شهدت تلك المشروعات تأخيرا لسنوات كما شهد زيادة لافتة فى التكلفة. وأكد محمود أبو زيد وزير الموارد المائية والرى أنه تم الرد على كل التقارير التى أرسلها الجهاز المركزى للمحاسبات إلى وزارته ولم يعلق الجهاز عليها بعد ذلك، مضيفا أن الملط أشاد برد الوزارة فى موضوع ترعة الصف، وقال إنه إذا لم يصل الوزراة تعقيب حول ردها على أى تقرير للجهاز فإن هذا يعنى أن ردها «مقنع». وانتقل ونيس إلى قطاع النقل ورصد وجود تجاوزات حول بعض مشروعات تطوير بعض محطات قطارات الصعيد، وفى استغلال بعض المنح الأجنبية فى مجال استيراد القاطرات وغيرها، بينما شدد محمد منصور وزير النقل على أن جميع قطاعات وزارة النقل تخضع لدراسات جدوى قبل تنفيذها. وأبدى أحمد عز رئيس اللجنة تقديره لقيمة دراسات الجهاز المركزى معتبرا أنه لا غنى عن الجهاز، وطالب بأن يقدم الجهاز حصرا ومؤشرات واضحة لنسب المشروعات التى لا تقوم على دراسات جدوى وتتسم بسوء التخطيط فى جميع القطاعات كل على حدة. وطالب عز الجهاز بإعداد مؤشرات واضحة لنسبة الهدر، أو التجاوزات فى المشروعات الحكومية وهو ما يساعد مجلس الشعب على التقييم السياسى للحكومة، لمعرفة ما إذا كانت التجاوزات تشكل القاعدة أم الاستثناء.