كان شكله مثيرا للانتباه، بواجهته المغطاة بلافتات المعارضة، حاملة أسماء وشعارات أحزاب الوحدويين الاشتراكيين، والوحدوى الاشتراكى، والاشتراكيين العرب، والشيوعى السورى، والسورى القومى، والاشتراكى العربى، والعربى الديمقراطى، والعهد الوطنى، العامل المشترك بينهم جميعا، ليست الاشتراكية ولا القومية ولا الديمقراطية بقدر ما هى صورة رئيس حزب البعث العربى الاشتراكى الحاكم، الرئيس بشار الأسد. إنه مقر مبنى الجبهة الوطنية التقدمية فرع حلب، ذلك الائتلاف الذى يجمع بين جنباته 8 أحزاب، تمثل المعارضة السورية، منضوية تحت قيادة حزب البعث الحاكم، وهى الجبهة التى يفخر بها النظام السياسى فى سوريا باعتبارها إحدى مكتسبات ثورة التصحيح، عندما أسسها الرئيس الأسد الأب عام 1972. وبسؤاله عن الدور الذى تلعبه تلك الأحزاب فعليا وما إذا كانت تشكل معارضة تذكر على الساحة السورية، قال عضو حزب الوحدويين الاشتراكيين، إسماعيل نوفل، مبتسما وعلى استحياء فعليا لا توجد معارضة لأن جميع الأحزاب السورية دخلت الجبهة منذ ذلك التاريخ باستثناء الإخوان المسلمين، وأضاف باعتزاز أن حافظ الأسد كان هو صاحب فكرة ضم الأحزاب تحت لواء الجبهة التقدمية بقيادته، حتى إننا فى الانتخابات ننزل دائما بقائمة واحدة، لاسيما أن جميعنا أحزاب يسارية تتبنى مفاهيم القومية العربية، والحزب السورى القومى، على وجه الخصوص، الذى انضم إلينا قبل نحو عامين فقط، يرى أن لبنان وسوريا بلد واحد. * تتفقون على السياسات نفسها.. فلماذا إذن تعددون المسميات والأحزاب؟ - نقدم مشاركة فعالة كأحزاب مختلفة، مثلا عندنا اجتماع شهرى على مستوى جميع الأحزاب يسمى اجتماع فرع الجبهة الوطنية التقدمية، وهذا الاجتماع يعقد فى حلب وفى كل محافظات سوريا. كانت هذه إجابة محمد زياد بصمة جى، أمين فرع حلب لحزب الوحدويين الاشتراكيين، الذى آثر نوفل أن يتولى مهمة الرد عنه، بحضور عدد من أعضاء الحزب. * ولكن معارضتكم متهمة بأنها مستأنسة، وإلا لماذا لا تفكرون أبدا فى تداول السلطة؟ - نحن جزء من السلطة ولسنا خارجها، نشارك فى صنع القرار السياسى والاقتصادى والجبهوى، خاصة فيما يتعلق بالقرارات المصيرية، فلابد من موافقة قائد الفرع وأيضا أمناء الفروع على أى قرار. * وماذا عن الإخوان المسلمين، ألن يسمح لهم بتشكيل حزب، خاصة أنهم يطرحون برنامجا سياسيا محددا يقولون إنه ذو مرجعية منفتحة؟ - موضوع السماح بتأسيس أحزاب جديدة مازال قيد الدراسة، ونحن حاليا نقوم ببحث تلك المسألة فى اجتماعاتنا الدورية.. ولكن بأى حال فمعارضو الجبهة لم يشهدوا تبلورا سياسيا وليس لهم تنظيم حتى الآن، إنما هم مجرد أفراد وأسماؤهم غير معروفة.. أما فيما يتعلق بالإخوان، فلدواع أمنية وفى ظل السيطرة التى اضطررنا إلى فرضها عليهم بعد تمردهم العسكرى الذى بلغ ذروته فى حماة عام 1982، يتحتم علينا عند دراستنا لمسألة الأحزاب تلك وضع ضوابط محددة لها. * تبدو الساحة السياسية خالية من أى تيار ديمقراطى ليبرالى.. هل هذا صحيح؟ - هنا تدخل نوفل بحماس قائلا: رئيس حزب البعث هو قائد الدولة والمجتمع، مع التأكيد على المشاركة، ويبدو أنه استشعر أن إجابته لم توضح شيئاً فاستطرد شارحاً: «الديمقراطية عندنا لها مفهوم خاص، فالأسد الأب عندما أسس الجبهة قدم شكلاً جديداً من أشكال السلطة، أطلق عليه «الديمقراطية الشعبية»، وهو يختلف تماماً عن المفهوم الغربى للديمقراطية». وراح رامى عظمة، عضو ثان فى الحزب الوحدوى، يهز رأسه متحمساً، وحاول هو الآخر إضافة المزيد من الإيضاح: «دستورنا ذو طابع اشتراكى، والديمقراطية الغربيةالأمريكية لها قالب جاهز والرأسمالية الاحتكارية التى تنتج عنها أزمات (يقصد الأزمة المالية العالمية) هى ديمقراطية مفهومها خاطئ ولا نؤمن به، كما أن الديمقراطية التى تتشدق بها أمريكا لا نعترف بها، فأحزاب المعارضة هناك ليست حقيقية، لأن كلا الحزبين الرئيسيين وجهان لعملة واحدة وخطهما السياسى واحد». * كيف تنظرون للعزلة الدولية التى تعانى منها سوريا؟ - أجاب بصمة جى: «2008 كان عام سوريا بامتياز، فكل الضغوط الأمريكية التى سعت إلى الإسهام فى عزلنا فشلت، وليس أدل على ذلك من زيارة وزير الخارجية البريطانى والرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى، الذى انقلب على أمريكا، كما ينقلب السحر على الساحر».