إنشاء مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بمنطقة رأس شقير باستثمارات 7 مليارات يورو    رئيس الوزراء: مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي نقطة البداية لتفعيل بنود اتفاقية الشراكة    وفد شئون الأسرى المفاوض التابع للحوثيين يعلن وصوله مسقط    الزمالك يتقدم على سيراميكا كليوباترا بثنائية في الشوط الأول    مابين المشدد والبراءة.. الحكم علي المتهمين بخطف نجل وزير الصحة الأسبق    تجديد حبس 20 متهما باستعراض القوة بالأسلحة وقتل شخص في الإسكندرية    نويت أعانده.. لطيفة تطرح مفاجأة أغنية جديدة من ألحان كاظم الساهر    الإمارات تقدم رؤية لمواجهة تحديات الطاقة باستخدام الذكاء الاصطناعي    الأوقاف: فتح باب التقدم بمراكز الثقافة الإسلامية    بماراثون دراجات.. جامعة بنها الأهلية تحتفل بذكرى ثورة 30 يونيو    البرلمان العربي يؤكد على الدور المهم للنساء في مكافحة الإرهاب والتطرف    انهيارات أرضية في نيبال بسبب الأمطار الغزيرة.. الأرض ابتلعت 9 أشخاص (فيديو)    تبادل كهنة أسرى بين روسيا وأوكرانيا    صفحة المتحدث العسكرى تنشر فيلم "لهيب السماء" احتفالا بالذكرى ال54 لعيد الدفاع الجوي    رد حاسم من ريال مدريد على مفاوضات ليفربول لضم تشواميني    ليفربول يحاول حسم صفقة معقدة من نيوكاسل يونايتد    كوناتي: لوكاكو أقوى مهاجم واجهته.. كامافينجا: غياب كورتوا أمر جيد لنا    مانشستر سيتي يخطف موهبة تشيلسي من كبار الدوري الإنجليزي    رئيس جهاز الشروق: استمرار الإزالات الفورية للمخالفات خلال أيام العطلات الرسمية    تطوير عربات القطار الإسباني داخل ورش كوم أبو راضي (فيديو)    حريق هائل يلتهم مطعم مأكولات في المنيا    الداخلية تكشف ملابسات واقعة طفل الغربية.. والمتهمة: "خدته بالغلط"    حبس المتهمين بإنهاء حياة طفل بأسيوط.. قطعوا كفيه لاستخدامهما في فتح مقبرة أثرية    «مياه الشرب بالجيزة»: كسر مفاجئ بخط مياه بميدان فيني بالدقي    موعد عرض أولى حلقات برنامج بيت السعد ل أحمد وعمرو سعد    أشرف عكة: منظمات الأمن الدولى فشلت فى الحد من اتساع رقعة الصراعات الدولية    هيئة البث الإسرائيلية: واشنطن تسعى لحل الخلاف بشأن صفقة تبادل المحتجزين    محمد رمضان : الشخص اللي صفعه عمرو دياب حاول يتصور معايا    موعد عرض مسلسل لعبة حب الحلقة 54    عمرو دياب يطرح ريمكس مقسوم لأغنية "الطعامة"    وزير الصحة يبحث التعاون مع إحدى الشركات المتخصصة في مستلزمات الجروح والعظام    استشارية أمراض جلدية توضح ل«السفيرة عزيزة» أسباب اختلاف درجات ضربة الشمس    رئيس الهيئة البرلمانية ل«حماة الوطن» يهنئ الرئيس السيسي بذكرى 30 يونيو    المجاعة تضرب صفوف الأطفال في شمال قطاع غزة.. ورصد حالات تسمم    إحالة أوراق المتهم بقتل منجد المعادي للمفتي    طرق استلام كعب العمل لذوي الاحتياجات الخاصة    ننشر أسماء الفائزين في انتخابات اتحاد الغرف السياحية    ربيع: إعادة الريادة للترسانات الوطنية وتوطين الصناعات البحرية    القاهرة الإخبارية: لهذه الأسباب.. الفرنسيون ينتخبون نواب برلمانهم بانتخابات تشريعية مفاجئة    وفد من وزارة الصحة يتفقد منشآت طبية بشمال سيناء    ضحية إمام عاشور يطالب أحمد حسن بمليون جنيه.. و14 سبتمبر نظر الجنحة    بعد إحالته للمفتي.. تأجيل محاكمة متهم بقتل منجد المعادي لشهر يوليو    برقية تهنئة من نادي النيابة الإدارية للرئيس السيسي بمناسبة ذكري 30 يونيو    الأهلى تعبان وكسبان! ..كولر يهاجم نظام الدورى.. وكهربا يعلن العصيان    مصر تدعو دول البريكس لإنشاء منطقة لوجستية لتخزين وتوزيع الحبوب    الصحة: اختيار «ڤاكسيرا» لتدريب العاملين ب «تنمية الاتحاد الأفريقي» على مبادئ تقييم جاهزية المرافق الصيدلانية    ماهو الفرق بين مصطلح ربانيون وربيون؟.. رمضان عبد الرازق يُجيب    أكرم القصاص: علاقات مصر والاتحاد الأوروبى تعتمد على الثقة وشهدت تطورا ملحوظا    مجلس جامعة الأزهر يهنئ رئيس الجمهورية بالذكرى ال 11 لثورة 30 يونيو    بدءا من اليوم.. فتح باب التقدم عبر منصة «ادرس في مصر» للطلاب الوافدين    الصحة: الكشف الطبى ل2 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    كيف فسّر الشعراوي آيات وصف الجنة في القرآن؟.. بها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت    شرح حديث إنما الأعمال بالنيات.. من أصول الشريعة وقاعدة مهمة في الإسلام    مجلة جامعة القاهرة للأبحاث المتقدمة تحتل المركز السادس عالميًا بنتائج سايت سكور    الإفتاء: يجب احترم خصوصية الناس وغض البصر وعدم التنمر في المصايف    حكم استئذان المرأة زوجها في قضاء ما أفطرته من رمضان؟.. «الإفتاء» تٌوضح    «غير شرعي».. هكذا علق أحمد مجاهد على مطلب الزمالك    البنك الأهلي: تجديد الثقة في طارق مصطفى كان قرارا صحيحا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عنوان الوطن

بلغت فيروز السبعين، هكذا فاجأنا الخبر منذ أكثر من سنة، معقول؟ صاحبة الصوت الملائكى الذى لم يتغير ولم يتبدل وهو نفسه فى الأذن والقلب والوجدان، بجديته ونعومته، بقوته وأنوثته، بتوسله ورجائه، بنقائه وصفائه، بوطنيته وعروبته هكذا فى غفلة منا نحن المولعين والعاشقين بلغت صاحبته سن السبعين، كبرت فيروز وتكبر، مثلها مثل أى كائن حى، لكننا فى غمرة الحياة ننسى أحياناً أن العمر يمر.
قبل ذلك بكثير، باثنين وعشرين عاماً كاملة رحل عاصى الرحبانى زوجها، وبكت فيروز أو غنت وهى تواجه الناس دونه لأول مرة بعد رحيله: سألونى الناس عنك يا حبيبى كتبوا المكاتيب وأخذها الهوا، بيعز على غنى يا حبيبى ولأول مرة ما بنكون سوا، وبكى الكثيرون معها، وقتها تصدع الركن الأول من مدرسة الرحبانية عاصى ومنصور وفيروز الرحبانى، ومنذ أيام رحل الثلث الثانى، منصور الذى شارك أخاه الكتابة والتلحين، أو التلحين والكتابة،
لا أحد يعرف من كان يكتب ومن كان يؤلف الموسيقى، كانت شركة نبوغ وموهبة وتميز لم يعرف أحد من كان يديرها أو يملكها، كنا نعرف فقط أن الناتج أغنيات ومسرحيات وأفلام وموسيقى وجدت فى التراث الشرقى والغربى والفولكلور الشامى والمصرى منهلاً لتوليفة جديدة عجيبة لم توجد من قبل تحمل علامات الجودة فى كل حرف وفى كل لحن وفى كل نبرة صوت، توليفة كونت مدرسة فنية حقيقية وأصيلة هى مدرسة الرحبانية التى بدأت نتاجها فى الأربعينيات تقريباً ثم تأكد وجودها مع انتشار صوت فيروز منذ الخمسينيات.
وإن كان البعض يشير إلى مدرسة الرحبانية على أنها مدرسة عاصى ومنصور الرحبانى فقط أو هما الأخوان رحبانى دون فيروز فربما لم يجانبه الصواب، ذلك أن نسيجاً متلاحماً من الثلاثة كان هو الناتج بدليل أنه ليس بالإمكان فصل أحدهم عن الآخر، لا يمكن الاستماع إلى اللحن دون الكلمات ولا يمكن سماع الكلمات دون الصوت ولا الصوت دون التأليف والتلحين، لا غنى لكل منهم عن ال آخر ولا انفصال، مزيج مدهش لتكامل فنى بلغ غاية الرقى صحيح أن أصواتاً أخرى شاركت فيروز ألحان الرحبانية مثل وديع الصافى ونجاح سلام وصباح وعفاف راضى ونصرى شمس الدين وهدى حداد وغيرهم إلا أنه يتبقى لصوت فيروز ميزة الريادة والبدء والاستمرار والانتشار.
هذه التوليفة الفنية أصبحت عنواناً لوطن هو لبنان، تسمع اللحن والصوت والكلمات فتطير بك أجنحة من حرير إلى الجبل والضيعة إلى أشجار الأرز وعناقيد العنب ولون التفاح، إلى الصبية التى تنتظر أياماً على سطح المنزل ترقب القمر وتنتظر هبوطه كى تقدمه هدية لحبيبها وتريد الجارة أن تسرق القمر وتسرق الحبيب، والقمر عالى فى السما ما بتطاله الإيد، والأخرى التى نبهتها أمها ألا تحاكى حدا ولا تحاكى العدا إلا أنها ذهبت إليه فلا إنت حدا ولا إنت العدا، بك هذه التوليفة الفنية الفريدة إلى سماء بيروت وبحر لبنان فى لحظة إلى الحوانيت والمقاهى والطواحين والعربات التى تجرها الخيول فى أيام المطر والبرد وإلى عالية الجميلة التى يخرب بيت عيونها شو حلوين.
فى زيارتى الأولى للبنان كنت أمد البصر أبحث عن لبنان فيروز والرحبانية أغض النظر عما يخالفها وأسترجع كلمات الأغنيات وألحانها وصوت فيروز، أطلب الصعود إلى الجبل كى أبحث عن عالم الرحبانية من جبل وبحر وشواطئ نهر عاصى ومنصور، عن القرويين الذين يزرعون القمح ويقطفون الورد ويرقصون تحت ضوء القمر،
لكن هذا العالم الجميل بدا الآن عالماً خيالياً أو غاية فى القدم، عالم العشرينيات والثلاثينيات وربما الخمسينيات، الآن أكلت المبانى الأسمنتية الجبل وعلت منحنياته، وتكدست الطرق، وانسحب سكان القرى والجبل وطغى الطابع الغربى على الجميع لكن بقى للأخوين رحبانى ولثالثتهما فيروز شرف رسم صورة لبنان وتدوينها وتسجيلها فى العقل والذاكرة والوجدان وإهداؤها لملايين من اللبنانيين والعرب كصورة حية وكجانب من تراث لن يضيع.
ومنذ أيام رحل منصور الرحبانى أحد الذين أسهموا فى ملحمة الرحبانية، وجدير بنا وواجب علينا إذا أدخل أحد إلينا البهجة ولون حياتنا يوما بل سنين بالفرحة ونقلنا إلى عوالم السحر والخيال وطار بنا إلى عنان السماء ونحن لا نزال نعيش على الأرض أن نقول له شكراً ووداعاً، وأنا أعترف بالفضل وأقول لمنصور ومن قبله عاصى الرحبانى شكراً ووداعاً.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.