قبل أسبوعين انهى أب حياة أفراد أسرته وحاول الانتحار بالنزهة لمروره بأزمة مالية، وأيضا انتحر شاب بعد فشله فى الحصول على فرصة عمل، وألقى آخر بنفسه فى النيل بعد مشاجرة مع خطيبته، وأكثر من 10 حالات انتحار لأسباب مختلفة شهدتها صفحات الحوادث فى الأسبوعين الأخيرين والأسباب مختلفة. ويأتى السؤال: هل أصبح الانتحار هو الحل الوحيد للخلاص من المشاكل؟ يقول الدكتور محمد عبد الرحمن أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: إن الظروف الاقتصادية الصعبة يتعرض لها الجميع، إضافة إلى أن العلاقات الشخصية والعائلية بين الناس التى وصلت إلى حد «الغيرة» وازدياد الأحقاد بينهم لا تدفع الإنسان إلى «الانتحار»، فإذا كان المنطق أن الانتحار هو الحل الأخير، فمعنى هذا أن المصريين جميعا عليهم أن ينتحروا للتخلص من ضغوط الحياة اليومية. ويؤكد أن المنتحر ضعيف الإيمان وليست الظروف التى يتعرض لها هى السبب الوحيد، ولكن هناك ظروف أخرى قاهرة وضاغطة، تكون الدافع الرئيسى للانتحار، ولكنها فى الغالب لا تكون «معلنة»، مثل الخيانة الزوجية، أو العجز عن تحمل المسؤولية، أو عدم صلة الإنسان بربه، وفقدانه القوة والإيمان.. وإذا كانت الظروف الاجتماعية والاقتصادية هى السبب المباشر لجريمة الانتحار، فهذا يعنى أن جميع المصريين يجب أن ينتحروا كحل أخير لمواجهة نفس الظروف، خاصة أنهم يعيشون فى مناخ اجتماعى وظروف اقتصادية واحدة. الدكتورة داليا مؤمن أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس تقول إن المنتحر شخص مريض، إرادته ضعيفة، ويعانى من اكتئاب وتشاؤم، وخمول، وفقد للطاقة، وأفكاره سوداوية فى التعامل مع ضغوط الحياة، ولا يجد مساندة اجتماعية صحيحة، أو دعم أسرى، الأمر الذى يؤدى فى النهاية إلى انتحاره كحل أخير لإنهاء مشاكله. وتضيف أن من يختار الانتحار كحل لمواجهة أزماته، يكون فى أسوأ حالاته النفسية، وفقد الأمل فى كل شىء، ويصعب عليه تقبل حياته، خاصة أنه يعانى من حالة مزاجية سيئة، ويمكن أن يكون مصابا باكتئاب جعله غير سعيد، ويفكر فى الموت باستمرار، ويكره العمل أو المدرسة، وينعزل عن الناس حتى يصل إلى قرار الانتحار. وقالت: إن الضغوط الخارجية والمشاكل الاقتصادية والخلافات العائلية فى الغالب لا تكون سببا وحيدا للانتحار بل تصاحبها أسباب أخرى حسب البناء النفسى، وقدرة الشخص على التحدى وقوته، والالتزام الأخلاقى والدينى، ومصابرته، ونظرته الإيجابية للحياة، وفهمه أن طبيعة الحياة هى المعاناة، وأنه يجب أن يعتاد على تحمل المسؤولية. المستشار حسن رضوان رئيس محكمة جنايات الجيزة يقول إن القانون لا يفرق فى العقوبة بين القاتل الذى حاول الانتحار بعد ارتكاب جريمته، ومن لم ينتحر، فكلاهما أمام القانون سواء يعاقب عن جناية القتل العمد، حتى وإن كانت الجريمة عن غير سبق إصرار أو ارتكبها الجانى فى لحظتها تتساوى العقوبة أيضا على المتهم سواء حاول الانتحار بعدها أم لا. ويضيف: بالتأكيد تستوقفنا كقضاة مثل هذه الجرائم التى يتجرد فيها الأب أو الابن من أى مشاعر إنسانية ويتخلص من أبنائه أو من أحد والديه، حتى وإن كانت دوافعه هى حب مفرط أو خوف مرضى على المجنى عليه، إلا أن المحكمة لا تأخذها أى رأفة فى تقديرها للعقوبة فى مثل هذه الجرائم، حتى وإن أثبت المتهم ارتكابه لها بدوافع إنسانية بحتة. ويشير المستشار رضوان إلى أن الاختلاف الوحيد الذى يفرق بين مثل هذه الجرائم هو توافر سبق الاصرار ويؤكد رضوان أن الرأفة فى عقاب المتهم فى مثل هذه الجرائم أمر فى أوله وآخره تقديرى للمحكمة.