أصبح معسكر «جوانتانامو» الأمريكى فى كوبا - الذى مازال يحتجز فيه نحو 250معتقلاً من أصل 800 نقلوا إليه - رمزاً لانتهاك القانون وسوء المعاملة والتعذيب منذ اللحظة الأولى لإنشائه فى يناير عام 2002، فخلافاً لجميع مبادئ القضاء الأمريكى، يمكن احتجاز المعتقلين فى المعسكر لمدة غير محدودة دون توجيه تهم إليهم. ولم يتهم رسمياً سوى نحو 20معتقلاً بارتكاب «جرائم حرب»، من بينهم 5 متهمين بالمساعدة فى التخطيط لهجمات 11سبتمبر2001. أما الباقون فإنهم محتجزون للاشتباه فى انتمائهم أو دعمهم ل «شبكات إرهابية» أو تمت تبرئتهم -نحو60 منهم-لكن إدارة الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته جورج بوش تقول إن هؤلاء لا يمكن إعادتهم إلى بلدانهم خشية أن يتعرضوا للاضطهاد والتعذيب. وفى انتهاكٍ صارخٍ للقانون، يتم انتزاع اعترافات من المشتبه فيهم باستخدام أساليب استجواب مشكوك فى شرعيتها. وفى الحالات القليلة التى تتم فيها محاكمة بعض المعتقلين، فإن ذلك يتم أمام محاكم عسكرية، وهو ما تعتبره منظمات وجماعات الحريات «مهزلة قضائية». وأيا كان إرث إدارة بوش، فإن ما سيعلق بالأذهان أكثر عنها هو تجاهلها وازدراؤها للقانون منذ بداية «حربها على الإرهاب» التى أعقبت أحداث 11سبتمبر، حيث اعتمدت تلك الإدارة عدداً من السياسات المخالفة للقانون بدءاً بالتنصت على الأمريكيين دون إذن من المحكمة، ومرورا بإيهام السجناء المتهمين بالغرق، وانتهاء برفض الامتثال لمتطلبات معاهدة جنيف التى تحظر التعذيب. وعلى الرغم من ذلك، دافع بوش مؤخراً عن التقنيات التى تستخدمها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لحمل المشبوهين بالإرهاب على الإدلاء بمعلومات، بإعلانه أنه يرفض كلمة «تعذيب». واعتبر بوش أنه «استخدم السلطات التى منحه إياها الدستور» للدفاع عن بلاده. ومع بدء العد التنازلى لتولى الرئيس المنتخب باراك أوباما منصب الرئيس يوم 20من الشهر الجارى، يبدو أنه وجد نفسه فى مواجهة الواقع السياسى، مما دفعه للعدول عن وعده الذى أعلنه مراراً خلال حملته الانتخابية بسرعة إغلاق «جوانتانامو»، حيث رأى أن هذا الأمر غير قابل للتطبيق بالبساطة التى كان يتخيلها فى الوقت الذى سيكون فيه مطالباً بالوفاء بوعوده بانتهاج سياسة مخالفة لسياسة بوش، واستمرار ضمان أمن أمريكا فى الوقت نفسه.