قالت أمى المقهورة قد ذهب أبوكم.. ليصلى فى الأقصى.. ويدعو اللّه ليفرج عنا العوز، وينشلنا من هذه الكربة وقد يأتى ببعض طعام، وشىء من غلة.. ففرحت.. وبكفى الناعم صفقت.. وبنبرة صوتى الطفل.. غردت.. أيأتينا يا أمى ببعض السكر؟ أم يخدعنا كالعادة ويقتر..؟ أنا طفل من غزة بسمته تنبت بالدهن وتزهر على جفنى قد تغفو.. أعوامى الخمسة.. فأبيت أحلم بالسكر.. توقظنى النسمات المكسورة أو صرخة فيرعبنى المنظر.. وجدى الكهل قتلوه فى هذا الفجر.. برصاص الغدر ولا أدرى هل حرمونى حلواه والسكر؟ فوق سماء مدينتنا إعصار من نار قد يمطر.. تدركه أمى وتدركنى.. وتشفق على عودى الأخضر.. وتنشلنى من وهنى لتركض بى ركض المنهوك وركض المجبر.. وطريق وعرة تقطعها يلوثها لون أحمر.. وبرقة عملاقة.. تتحدث عن غدر آتٍ بهلاكى تبشر أو تنذر... تبدى أمى المذعورة وتكشف عن وجهى الأصفر.. ومن أعلى يطاردنا طائر يرصدنا.. ويلقى بشىء يتفجر.. فتبكى أمى لبكائى وتحاول وسط العتمة إسكاتى ولا تظفر.. ولن تقدر.. وأتعجب هل يقصفنى أعدائى بريح المسك وطيب العنبر.. لينهوا بعد الشدة مسائى فأفرح بالعسجد.. وألهو بالمرمر.. وأنعم بجبال السكر. أحمد فتحى النجار المحامى - فاقوس شرقية