أدت ردود الأفعال السلبية تجاه مشروع الملكية الشعبية إلى نزوع أطراف أساسية مسؤولة عنه وخلق مسافات بينها وبين الفكرة التى طرحوها تمهيداً للانسحاب منها، إذا تم رفضها ولم تتبنها القيادة السياسية. من جانبه، أزاح الدكتور محمود محيى الدين، وزير الاستثمار، الستار لأول مرة عن أصحاب فكرة الصكوك، خلال لقاء الصالون الثقافى بالأوبرا الأسبوع الماضى، مؤكداً أن الفكرة جاءت من أمانة قطاع الأعمال العام بالحزب التى يترأسها الدكتور حسام بدراوى واللجنة الاقتصادية برئاسة حسن عبد الله، الذى (يوصف ب«أبوالهول» العمل العام حيث يرفض باستماتة الإدلاء بأى تصريح حول أى موضوع حتى ولو كان مما تناقشه لجنته). وعلمت «المصرى اليوم» أن أبرز مقترحى فكرة الصكوك كان علاء سبع، رئيس بنك الاستثمار «بلتون» وعضو أمانة السياسات ب«الوطنى»، وحين طلبنا منه عرض دوافع اقتراحه وتعليقه على ردود الأفعال حوله، قال إنه فعلا ممن اقترحوا الصكوك، لكنه رفض الحديث، متعللا بأن الموضوع حساس وأنه مكتفٍ بما يقوله الدكتور محيى الدين، فيما حالت ظروف الدكتور حسام بدراوى المتواجد فى لندن لأسباب عائلية، دون الحصول على تعليق منه، بينما كشفت مصادر مطلعة فى الحزب الوطنى، عن أن اللجنتين كانتا اقترحتا نهاية 2004، عمل قسائم وتوزيعها على المواطنين كأنصبة مجانية فى شركات قطاع أعمال عام مختارة، بهدف الانتهاء السريع من الخصخصة، وقالت إن المشروع فى صيغته الراهنة لا يمكن نسبته إلى شخص أو مجموعة، لأن كثيرين ساهموا فى «التشكيل والتعديل والتغليف والتعبئة»، مشيرة إلى أن فكرتى صندوق الأجيال والجهاز القومى لإدارة الأصول العامة، اللتين وردتا فى مشروع الصكوك، هما من أفكار وزير الاستثمار، وأن الدكتور أحمد درويش، وزير التنمية الإدارية، ساهم لاحقا بفكرتين فى مجال تحديد طبيعة الصكوك وإدارة عملية التوزيع، وأسهم الوزير المهندس رشيد برأيه فى مجال تحديد الشركات الصناعية التى يمكن أن تدخل البرنامج، وأدلى الوزير طارق كامل بدلوه فى مجال تنفيذ الصكوك وتعيين منافذ توزيعها، وعلى رأسها البريد، وقام الدكتور يوسف بطرس، بحساب الأثر على الموازنة العامة والدفع باتجاه التوازن بين ما ستفقده وما ستحصل عليه فى المديين القصير والطويل من وراء المشروع. وبحسب المصادر، فإنه حتى هذه اللحظة لم تتم إحاطة د. مفيد شهاب، وزير الشؤون القانونية والتشريعية بمجلس الوزراء، بتفاصيل مشروع الصكوك لأنه لايزال فى طور التشكل الدائم . وقدرت المصادر أن مسؤولين حكوميين وحزبيين يسخرون من الموضوع سرا ولا يتحمسون له وأن عدم إشارة الرئيس له فى افتتاح مجلسى الشعب والشورى يتجاوز التفسير الذى قال إن ذلك حدث، لأن الفكرة لم تتحول إلى مشروع قانون. من جانبه، قال الدكتور فؤاد سلطان، وزير السياحة الأسبق، إن علاء سبع عرض المقترح فى لقاء بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية مؤخرا وقد رفضه الحاضرون من كل الاتجاهات ولأسباب مختلفة، مؤكدا أن فكرة التوزيع المجانى «كلام فاضى» ولا تحمل أى معنى أو فائدة باستثناء شغل الناس على طريقة «إلهى الوز بالغلق». وأكد سلطان أن الشركات العامة ملك للطبقة العاملة، لأنها أقيمت ونمت باشتراكاتهم فى التأمينات الاجتماعية ولا يجوز بأى حال توزيعها هكذا، وأعرب عن اعتقاده بأن التوجيه الرئاسى للبحث عن طريقة تجعل الشعب شريكا فى إدارة أصوله، كان هدفه أن يشعر الشعب بفوائد التحول الاقتصادى عبر إقامة مدارس ومستشفيات وطرق وصرف صحى ومد الكهرباء وتحسين التعليم من عوائد الخصخصة وليس بتوزيع صكوك ب«بلاش». وأضاف أن الخصخصة تعنى رفع إنتاجية المشروعات الصالحة وتحديث الأخرى نصف الصالحة بالتكنولوجيا والإدارة المتطورة وغلق غير الصالحة فلماذا نلف وندور؟!.. ودعا إلى استغلال أموال التأمينات فى عمل محافظ مالية جيدة عبر شراء أسهم الشركات القوية كوسيلة إيجابية لتمليك الطبقة العاملة، وفى نفس الوقت الحيلولة دون سيطرة الأجانب على الأصول المصرية، لأن البورصة المصرية هى الأرخص فى العالم حاليا، ولو انتظرنا أكثر فسيجئ الأجانب ل«شيل» كل شىء برخص التراب، مؤكدا أنه رغم كل شىء، فإنه يعترف بأن الحكومة الحالية قامت بإصلاحات لا يمكن إنكارها. من جهته، رد الدكتور محمود محيى الدين على سؤال حول تفسيره رفض «الملكية الشعبية» من مفكرين يمتدون من فؤاد سلطان يمينا إلى حازم الببلاوى فى الوسط ثم جلال أمين وجودة عبدالخالق يسارا، بالقول إنه بالنسبة للمعارضة فى التجمع أو الوفد أو غيرهما، فإنه من البديهى أن ترفض مشروعا سيقضى على مداخل وبوابات الانتقاد السياسى لأى حكومة، و«أنا لو معارضة ماكنتش أعديها»، أما الدكتور فؤاد سلطان فهو متحيز لنوع واحد من الخصخصة هو البيع لمستثمر استراتيجى، ورغم أن لذلك فوائده لكن الوصول إليه يستغرق 3 سنوات للشركة الواحدة، قد غدت التكلفة السياسية لعملية بيع أو عدم بيع أى شركة غير محتملة. وأضاف أنه يعتقد أن الدكتور حازم الببلاوى غابت عنه تفاصيل كثيرة كما بدا من انتقاداته المنشورة ب«المصرى اليوم»، إذ ركز على الصعوبات الفنية والتكلفة المادية للتوزيع، بينما تلك عملية محلولة. وحول ما إذا كان القرار سيتعدل إذا ما مر مشروع الملكية الشعبية، قال الوزير: الأمر سابق لأوانه ويقرره رئيس الدولة فى حينه، وهو نفسه الذى سيقررمن يكون الوزير المسؤول إذا انتقلت عملية إدارة الأصول العامة إلى الجهاز القومى لإدارة الأصول، وهل سيكون وزير الاستثمار أم رئيس الوزراء. وحول إمكانية قبول المشروع لو اقتصر فقط على إقامة جهاز قومى لإدارة الأصول وصندوق للأجيال دون «الصكوك»، أكد محيى الدين قناعته الشخصية بالترابط بين الصكوك وفكرتى صندوق الأجيال والجهاز القومى، رافضا الفصل بينهما وقال إنه يعتقد فى وجوب تطوير الشفافية والرقابة والمساءلة حيال الشركات العامة وأن الملكية الشعبية طريق مهم إلى ذلك.