تعلن اليوم جوائز الدورة ال60 لمهرجان برلين السينمائى الدولى، ولا أحد يدرى لماذا ينعقد المهرجان رسمياً من 11 إلى 21 وليس إلى 20 وهو يوم الختام، ويوم إعلان الجوائز! صحيح أن العديد من الأفلام يعرض، غداً، للجمهور، ولكن هذه العروض ليست جزءاً من المهرجان. ومن ناحية أخرى شهدت الدورة ال60 صدور نشرات يومية لصحف صناعة السينما الثلاث الكبرى فى العالم، وهى «فارايتى» و«هوليود ريبورتر» و«سكرين إنترناشيونال»، ولكن هذه النشرات تتوقف الواحدة بعد الأخرى فى الأيام الأخيرة بحيث لا تنشر شيئاً عن أفلام هذه الأيام سواء داخل أو خارج المسابقة. فما ذنب صناع الأفلام الذين تعرض أفلامهم فى النهاية؟! وعلى سبيل المثال، تنظم «سكرين إنترناشيونال» استفتاء يومياً ل5 نقاد من أمريكا وإيطاليا والبرازيل والدنمارك وألمانيا و2 من بريطانيا، وقد صدر العدد الأخير يوم الخميس من دون تقييم 6 من أفلام المسابقة، وهذا ما يحدث فى مهرجان «كان» أيضاً، لأن حجم هذه النشرات حسب كمية الإعلانات، وعندما لا تكون هناك إعلانات تتوقف عن الصدور، ولذلك لا يمكن اعتبار أحسن فيلم نال أعلى الدرجات فى ذلك الاستفتاء هو أحسن فيلم فى المسابقة، ولكن أحسن 14 فيلماً من أفلام المسابقة ال20. وأحسن الأفلام ال14 الأولى فى استفتاء «سكرين إنترناشيونال» هو الفيلم الروسى «كيف أنهيت هذا الصيف» إخراج ألكسنى بوبوجريبسكى، يليه الفيلم الرومانى «إذا أردت أن أصفر، سوف أصفر» إخراج فلورين سيربان، ثم الفيلم الفرنسى «الكاتب الشبح» إخراج رومان بولانسكى. دورة ناجحة بامتياز لقد استطاع ديتر كوسليك، مدير المهرجان، أن يصنع دورة ناجحة بامتياز فى الاحتفال بمرور 60 سنة على أحد مهرجانات السينما الكبرى الثلاثة فى العالم، ومرور 10 سنوات على توليه إدارته. ولكن بدا من الصعب التكهن بجوائز لجنة تحكيم يرأسها ورنر هيرزوج، فهو فنان كبير من أعلام السينما فى القرن العشرين، ولكنه يفكر بطريقة خاصة هى نتاج عقل مختلف وموهبة يتمتع صاحبها بخيال جامح غير مألوف، وكل ما هو غير مألوف عند البعض ضرب من الجنون. وقد عبرت «سكرين إنترناشيونال» عن هذا التصور الشائع عن هيرزوج فى نشرتها اليومية حيث ظلت تنشر كل يوم مقتطفاً من أقواله فى حوارات منشورة، ومنها قوله «إن الجوائز مناسبة أكثر لمهرجانات الكلاب وليس مهرجانات الأفلام»، وقوله «إن هناك تقديراً أكثر من اللازم لأهمية مهرجانات السينما، وأنها فى الحقيقة لا تعنى أى شىء وتستوى جميعاً من كان وفينسيا وبرلين إلى واجادوجو فى بوركينا فاسو». أكثر من فيلم ذهبى من واقع عالم هيرزوج، يمكن أن يفوز بالدب الذهبى الفيلم اليابانى «النطفة» إخراج كوجى واكاماتسو، وهى الترجمة العربية الصحيحة لكلمة «كاتيبيلار» التى تعنى الإنسان فى مرحلة التكوين الأولى «فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة» (الحج-5) صدق الله العظيم. فالفيلم عن إنسان فقد ذراعيه وقدميه كما فقد النطق وربما السمع فى الحرب وأصبح أقرب إلى النطفة. وهو عمل فنى شجاع، ولكنه ليس ضد الحرب فقط، وإنما ضد الإنسان أساساً أو من سينما احتقار الإنسان، التى لا تستحق التقدير. ومن واقع مشاهدتى لأفلام المسابقة هذا العام، وبغض النظر عن جوائز لجنة هيرزوج، هناك أكثر من فيلم ذهبى يستحق أن يذكر ضمن الجوائز اليوم، وهذه الأفلام بالترتيب هى: - «الكاتب الشبح» - «امرأة ومسدس ومطعم النودلز» إخراج زانج ييمو - «انفصال، اتصال» إخراج وانج كيوان آن - «اللص» إخراج بينجامين هيسينبرج - «على الطريق» إخراج ياسمين زبانيك ومن اللافت أن ثلاثة من المخرجين الخمسة سبق أن فازوا بالدب الذهبى (ماعدا بولانسكى والمخرج الألمانى صاحب الفيلم النمساوى هيسينبرج). أما الفيلم الرومانى «إذا أردت أن أصفر، سوف أصفر»، فيتنافس على جوائز لجنة هيرزوج ولجنة أحسن مخرج فى فيلمه الطويل الأول، التى يرأسها المخرج الألمانى بول فيرهوفن، وتكاد هذه الجائزة تكون محسومة للفيلم الرومانى، وربما يقدر من اللجنتين. [email protected]