الفانتازيا التاريخية أو فانتازيا التاريخ البديل تعنى أن التاريخ فى الفيلم يكون حاملاً لسمات متشابهة بينه وبين تاريخ العالم الواقعى، لكنه فى الوقت نفسه يأخذ جزءاً من التاريخ ويضيف عليه من خياله..ومن هذا المنطلق قدم المخرج الأمريكى «كوينتين تارانتينو» هذا الفيلم الذى يحمل أسلوبه الخاص وبشكل سياسى مثير للجدل يتحدث عن اليهود والنازية أبان الحرب العالمية الثانية. الأحداث تبدأ من خلال متابعة إحدى فرق صيد اليهود فى فرنسا أثناء الاحتلال النازى لها، حيث تتمكن فتاة صغيرة من الهرب بعد مقتل عائلتها على يد أحد كولونيلات هتلر من فرق القتل ال«إس. إس».. ثم ينتقل الفيلم إلى عملية تكوين فرقة غير رسمية من الجنود الأمريكان اليهود، وذلك لبث الرعب فى قلوب الجنود النازيين من خلال عمليات قتل وحشية وتمثيل بالجثث.. هذه المجموعة يطلق عليها اسم الأوغاد. وبعد أربع سنوات ونتيجة تشابك خيوط السياسة والحب والحرب يقع جندى ألمانى فى غرام فتاة فرنسية– هى نفسها اليهودية الصغيرة التى هربت فى بداية الفيلم- ونكتشف أنه بطل نازى استطاع قتل مئات من الحلفاء فى إيطاليا بمفرده.. وأنه صور مؤخراً فيلم عن بطولاته الحربية ضمن المشروع السينمائى الأيديولوجى ل«جوبلز»–وزير الدعاية النازى- لغزو العالم بالسينما. يقرر «جوبلز» نزولاً على رغبة البطل القومى أن يقيم العرض الأول للفيلم فى دار العرض السينمائية التى تملكها الفتاة اليهودية.. وبمجرد أن يعلم الأوغاد بذلك يقررون إرسال مجموعة منهم لتصفية قادة الرايخ الحاضرين للعرض.. وينتهى الفيلم بمقتل هتلر وجوبلز وكل قادة الرايخ حرقاً ورمياً بالرصاص داخل دار السينما المغلقة عليهم. هكذا يبدو من رواية الأحداث أنه ليس فيلماً تاريخياً عن واقعة معينة مثل فيلم «فالكيرى» عن محاولة اغتيال هتلر وهى حادثة حقيقية.. لكنه يتخذ من الخلفية التاريخية مجالاً لأحداثه بنفس طريقة «تارانتينو» المعتادة فى السرد.. حيث يستخدم أسلوب تقسيم الفيلم إلى فصول معنونة كل عنوان يدل على طبيعة أحداث الفصل ومدى ارتباطها بالحبكة تماماً مثلما فعل من قبل فى فيلم «اقتل بيل» بجزئيه.. بل يعتبر «تارانتينو» فى هذا الفيلم أكثر عقلانية، حيث يتوقف عن استخدام التداخلات الزمنية ويسرد الأحداث بالتتابع الزمنى لها وليس بتقديم وتأخير الأحداث لتعقيد الحبكة وزيادة التشويق.. لكنه يستمر فى أسلوب استحضار الماضى داخل الحاضر من خلال فلاش باك يوضح قراراً لشخصية أو موقف ما حدث من قبل يفسر موقفاً آخر.. وهو عادة يفعل ذلك بدون اللجوء لوسائل الفلاش باك المونتاجية التقليدية مثل المزج أو ظهور الصورة واختفائها، بل بتقديم لقطة أو مشهد الفلاش باك داخل المشهد الحاضر بنفس آلية التذكر لدى الإنسان. كما يبرع «تارانتينو» كعادته فى تقديم ما يمكن أن نسميه الدراما غير الرسمية بمعنى أنه يخلط ما بين الأنواع والأشكال الدرامية والسردية بحرية شديدة وبدون قيود فهو يكتب أسماء بعض الشخصيات على الشاشة بذلك الفونت السبعينى لأفلام الأكشن الأمريكية التى تربى عليها.. محدثا عملية تثبيث للصورة مصحوبا بموسيقى رعاة بقر.. بل ويستخدم الجرافيك للإشارة إلى بعض الشخصيات بسهم كرتونى للدلالة على أهمية الشخصية.. لكنه يبرع فى عملية تقطيع اللقطات واختيار زوايا وحركة كاميرا شديدة الدقة معبرة عن دواخل الشخصيات على المستوى السياسى يمكن القول إن الفيلم قدم النازيين بشكل إنسانى جعل اليهود «المضطهدين» منهم أشبه بالجزارين وأكلى لحوم البشر.. فى حين أن مشاهد قتل اليهود على يد النازيين قليلة جدا وبدون أى دماء على عكس مشاهد قتل النازيين على يد اليهود.. فهل قصد «تارانتينو» أن يقدم صورة عن جذور الدموية المتوطنة لدى اليهود؟ أم أراد أن ينضم إلى لواء المدافعين عنهم والمشهرين بما قاسوه معتبرينه السبب وراء ما يفعلوه اليوم بالفلسطينيين- وعلى رأسهم بالطبع المخرج «ستيفن سبيلبيرج»! فى حقيقة الأمر سمعنا فى الفيلم عن اضطهاد اليهود ولم نر سوى ذبح النازيين! ريفيو الاسم الأصلى: Inglourious Basterds الاسم التجارى: تأليف وإخراج: كوينتين تارانتينو بطولة: براد بت مدة الفيلم: 153 دقيقة