علامات الحزن والحسرة، آهات وصرخات، اللون الأسود يسيطر على المكان المحيط بمشرحة زينهم، المنطقة تحولت إلى مأتم كبير، تمزقت قلوب العشرات من أهالى ضحايا قطار العياط، وقف ذويهم ينتظرون من الواحدة صباحا، يعدون الدقائق وكل لحظة كانت تمر يزدادون حزنا على فقدانهم أولادهم وأبناءهم، زادت ساعات الانتظار، فظل الأهالى يصرخون ويطلبون الرحمة من المسؤولين مرددين: «إحنا مش جايين نطلب تعويضات إحنا جايين نستلم جثث ماتت بسبب الإهمال». تم فرض حواجز حديدية، وانتشرت قوات الأمن حول المشرحة والشوارع المجاورة، ومنعت الأهالى من الوصول إلى باب المشرحة الرئيسى، بعد 12 ساعة انتظرها الأهالى خرج عامل المشرحة فى الواحدة والنصف ظهرا ينادى على أسماء الضحايا ويجمع البطاقات الشخصية من ذويهم، تعالت الصرخات والبكاء والتف الأهالى حول الحواجز الحديدية، مرددين: «حسبى الله ونعم الوكيل فى اللى كان السبب فى الحادث».. خرجت 18 سيارة نقل موتى تحمل الضحايا لنقلهم إلى مثواهم الأخير. التقت «المصرى اليوم» بعدد من أسر الضحايا، قال خالد فهمى سيد إن ابن عمه سيد عدلى طحاوى، عامل بالسكة الحديد، لقى مصرعه فى الحادث أثناء ركوبه القطار 152 القادم من الجيزة إلى الفيوم، حيث اعتاد يوميا استقلال هذا القطار لعمله فى السكة الحديد فى كفر عمار، وفوجئ بعد علمه بمصرعه بقيام المباحث بالقاء القبض على شقيقه وزوجته وتوجيه تهمة ترك العمل حتى يكون «كبش» فداء لكبار المسؤولين لأنه مات ولم يستطع الدفاع عن نفسه، وتصبح القضية لا يحاكم فيها أى مسئول ويضيع حق الضحايا. وقال ناصر عبدالتواب، شقيق الضحية نورا، وابن الضحية هدى، الذى دخل فى نوبة بكاء شديد ويطلب من المسؤولين رؤية شقيقته ووالدته قبل نقلهما إلى مثواهما الأخير، هدأه الأهالى، وقال إن والديه وشقيقته كانوا فى مستشفى قصر العينى يزورون ابنة شقيقته الثانية لإصابتها بالتهاب كبدى، واستقلوا القطار رقم 152، وأثناء اصطدام القطار ب«ماشية» بين قريتى كفر عمار والرقة، توقف القطار بشدة مما أدى إلى انقطاع فرامل العربة الأخيرة، وتعطل القطار، وكان بداخله والداى وشقيقتى، أصيب والدى ببتر فى الساقين والذراعين وتم نقله إلى المستشفى وعلم بمصرع شقيقته ووالدته، فحضر إلى المشرحة لتسلم الجثث. ظل يبكى بشدة ويقول إن شقيقته «عروسة» وكانت تعد لحفل زفافها بعد 10 أيام، وترك، والده 7 بنات لم يتزوج منهن أحد. وقالت شقيقة الضحية عطيات أحمد عبدربه: إن شقيقتها كانت فى القاهرة تبيع «جرجير وفجل» للإنفاق على أولادها السبعة وزوجها الكفيف، وأضافت أن زوج شقيقتها فقد بصره منذ 15 عام وإنها منذ تلك اللحظة تعمل وتشقى من أجل الإنفاق على أولادها، وطول حياتها كانت بتذوق الشقا، وألم الوحدة وقلة الحيلة. قال الدكتور السباعى أحمد كبير الأطباء الشرعيين أن الحالات التى تم تسلمها كانت مصابة بنزيف داخلى وقصور وتهشم فى عظام الجمجمة.