أمس كان «يوم الرقص العالمى»، وقد اعتدت أن أكتب فى هذا العمود عن بعض الأحداث التى ترتبط بنفس اليوم، حيث إنه عمود يومى، ولكن لم يكن هناك مبرر للكتابة عن «يوم الرقص العالمى» أمس، لأننا لم نحتفل به فى مصر على أى نحو. والأدهى أنه فى نفس هذا الشهر تم الكشف عن الدعوى القضائية التى رفعها أحد المحامين الذين يطلقون على أنفسهم «إسلاميين» لمنع الرقص الشرقى فى مصر تمامًا، ومقاضاة وزارة الثقافة لأنها تمنح الترخيص به. يقول «المحامى الإسلامى» - كما يشيع عن نفسه - إن الرقص الشرقى يحض على الرذيلة، بل هو الرذيلة نفسها، وبالطبع اليوم محام إسلامى، وغدًا طبيب إسلامى ومهندس إسلامى، ولا داعى لكليات الجامعات التى تدرس القانون والطب والهندسة، ولنعد إلى التعليم الدينى فى الكتاتيب، ونضمن الدنيا والآخرة معًا. وبالطبع اليوم الرقص الشرقى، وغدًا كل أشكال الرقص. اليوم الرقص الشرقى وغدًا الباليه الذى تخصص له أكاديمية الفنون بوزارة الثقافة معهدًا كاملاً به طلبة وطالبات وأساتذة ومعيدون، ويمنح الماجستير والدكتوراه. وفى كل الأفراح ومناسبات أخرى يرقص الناس فى القرى والمدن، ومن الإسكندرية إلى أسوان، كل حسب موسيقاه، وكيف كان رقصهم، هو «محرم» عند «المحامى الإسلامى» ومن يناصرونه. الموسيقى أقدم الفنون حتى قبل العمارة، وعلى الموسيقى رقص الإنسان فى لحظات الفرح والأسى معًا، وهذا ما نراه فى رسوم كهوف الإنسان الأول والموسيقى والرقص متلازمان، وإن كانت هناك موسيقى من دون رقص، فلا يوجد رقص من دون موسيقى، وهما أعرق وأجمل الفنون مع الرسم، ولا أحد يدرى أى الفنون الثلاثة كان الأسبق، فماذا يريد «المحامى الإسلامى» ومن يناصرونه؟، لماذا يريد أن يمنع الرقص، وكيف يمنع ما يمارسه أغلب الناس بشكل أو بآخر؟، لا شك أن من حقه ألا يمارس الرقص وألا يشاهده، ولكن لماذا يريد أن يفرض ذلك على كل الناس، وبالقانون؟ القانون هو خلاصة ما توصل إليه البشر لمحاولة تحقيق العدل على الأرض، والقضاء هو الحائط الأخير والوحيد لبسطاء الناس للحصول على حقوقهم، والمحاماة هى أنبل المهن جميعًا، والقاضى لا يحاسبه سوى الله سبحانه وتعالى، ولكن هناك من يستخدمون القانون والقضاء والمحاماة لتحقيق أغراض سياسية لا علاقة لها بالعدل. [email protected]