ببساطة شديدة، لخص عبد الرحمن حمدى، 15 سنة، أحد أطفال الشوارع، وجهة نظره فى الواقع قائلا: «أنا كان نفسى حد من برّه مصر هو اللى يحكم البلد بعد الثورة اللى الناس عملتها، صحيح بعد كده عرفت إن ده ماينفعش، لكن هو يعنى اللى ينفع إن الإخوان هما اللى يوصلوا الحكم ويمسكوا البلد، كل المصريين اللى بيرشحوا نفسهم فى أى انتخابات بيقولوا كلام مابيحققوش منه حاجة، بيفضلوا يحلفوا، ويقولوا هنعمل حاجات كويسة ومافيش حاجة بتحصل، آخرهم كان الرئيس مرسى اللى وعد بحل مشكلات زى المرور والنظافة فى 100 يوم ومافيش حاجة حصلت». بوجه ساخر وأداء ضاحك، كان عبد الرحمن يحاول أن يتناول كل شىء شديد التعقيد، بدءاً من مشكلاته فى البيت التى دفعته للهروب منه، إلى مشكلات بلد لا تنتهى. هرب عبدالرحمن من النوع الأول من المشكلات، ليجد نفسه منغمسا فى النوع الثانى لأبعد مدى بحكم تواجده فى الشارع وقتاً طويلاً: «أنا مانزلتش التحرير وماشاركتش فى مظاهرات كتير، المرة اللى فكرت أشارك فى مظاهرة كانت فى مدينة نصر، وأول ما لقيت الناس اللى عاملة المظاهرة بتنضرب خفت وجريت، لكن كل حاجة بتحصل فى الشارع بلاقى نفسى فى وسطها غصب عنى، بحكم وجودى فى الشارع طول الوقت». ترك عبدالرحمن منزله، عندما كان فى التاسعة من عمره.. «أنا سبت البيت من 6 سنين.. أبويا وأمى منفصلين، وأنا ماكنتش عارف أستريح مع جوز أمى، فسيبت له البيت ومشيت، عندى إخوات تانيين، برضه مش عارفين يستحملوا جوز أمى، فبينزلوا الشارع شوية ويقعدوا فى البيت شوية». يعود عبدالرحمن للثورة والبلد قائلا: «أنا ماكنتش عاوز الإخوان همّ اللى يمسكوا الحكم، ومش راضى عن الرئيس مرسى خالص لأنه إخوانى، وأهم حاجة عنده الإخوان، والإخوان همّ اللى ممشيين البلد، والريس مجرد واجهة بس، وفاكرين إنهم أذكيا وإن ماحدش عارف كده، بس كل الناس فاهمة ده كويس، همّ عاوزين يتحكموا فى كل الناس، ويقولوا للناس ده حلال وده حرام، وده بيعمل مشاكل فى البلد، والمشاكل اللى المفروض تتحل لسه زى ما هى، والناس لسه بتتظاهر.. والبلد مش مستقرة.. وماحدش بيشتغل». يضيف عبدالرحمن: «أنا باسمع كتير الناس فى الشارع وفى المواصلات بيقولوا إن المتظاهرين همّ اللى مخليين البلد مش مستقرة، بس همّ من حقهم يتظاهروا، لأنهم شايفين إن الثورة اللى تعبوا فيها وأصحابهم استشهدوا فى الشوارع عشانها بتضيع، بسبب ناس جت تمسك البلد ومش همها غير مصلحتها». يشعر عبدالرحمن أن استمرار الإخوان فى الحكم على هذا الحال يهدد مستقبله وآماله الشخصية بشكل مباشر، يقول بنبرة يائسة وقلقة: «أنا نفسى أكمل تعليمى وأشتغل فى السياحة، ولو الإخوان فضلوا يمشّوا البلد بالحال ده والناس بتضرب وتموت فى بعض مش هيبقى فيها سياحة أصلا». ويختتم عبد الرحمن كلامه قائلا: «هو أنا لو قلت رسالة للرئيس مرسى وخليتكم تكتبوها ممكن يقراها، وحينما أخبرته أنه (ربما)، قال «أنا بس عاوز أقول له لو عاوز يكمل رئيس يسيب الإخوان تماما، مش أنا مواطن ولىّ رأى، أنا مش عاوز (الإخوان) تحكمنا».