تباين مؤشرات البورصة في منتصف تعاملات الثلاثاء    الجيش المالي يعلن أن الوضع "تحت السيطرة" في العاصمة بعد هجوم "إرهابي"    مصادر طبية تابعة لحماس: ارتفاع حصيلة قتلى الحرب في قطاع غزة إلى 41252 شخصا    الخارجية الألمانية تعلن تقديم برلين مساعدات إضافية بقيمة 100 مليون يورو لأوكرانيا    مدرب ميلان: خسارة ليفربول في الدوري لن تخدعنا    إصابة 11 شخصا إثر انقلاب سيارة ربع نقل بصحراوي المنيا    موعد ومكان تشييع جنازة فنان الكاريكاتير أحمد قاعود    خبير اقتصادي: ضخ استثمارات سعودية ب5 مليارات دولار في مصر الفترة المقبلة    السجن المشدد 5 سنوات للمتهم بالشروع فى قتل شاب بالشرقية    مصر تعمل على إعداد رؤية مستقبلية لسياسات الاستثمار والتجارة خلال 2024-2030    في ذكرى ميلاده.. سبب تسمية الشيخ الحصري ب«المعلم الأول»؟    "صحة سوهاج" تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 1600 مواطن ضمن مبادرة "حياة كريمة".. صور    محافظ أسيوط يتفقد وحدة طب الأسرة بالنواورة ومبنى العيادات لمستشفى البدارى    «تنسيق قناة السويس» يعلن إحصائيات مرحلة تسجيل الدبلومات ليوم الإثنين    التعليم العالي: غلق كيان وهمي جديد بالشرقية    ميلان ضد ليفربول.. الريدز يتفوق فى القيمة التسويقية قبل قمة أبطال أوروبا    اختفاء طائرة هليكوبتر روسية وعلى متنها 3 أشخاص    حكومة التشيك توافق على نشر قوات من الجيش بالمناطق المتضررة من الفيضانات    وصف تصرفات إثيوبيا ب«العبث».. ماذا قال وزير الري عن الملء الأحادي ل«سد النهضة»؟    صباح الكورة.. لاعب الأهلي يتمسك بالرحيل وأزمة طاحنة في الزمالك قبل السوبر الافريقي    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 والقنوات الناقلة    سبعيني يتولى تدريب منتخب أستراليا للسيدات    محسن هنداوي: تركت كرة القدم بسبب الظلم وأعمل في تجارة الحديد    محسن صالح: انتقال محمد علي بن رمضان للأهلي لن يتم في الوقت الحالي    اتحاد الكرة يجتمع الخميس لتحديد موعد انتخابات رابطة الأندية وخليفة بيريرا    قيادات جامعة القاهرة تتفقد اليوم الأول للكشف الطبي على الطلاب الجدد    تداول 80 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    الأرصاد: أجواء مستقرة على كافة الأنحاء والعظمى بالقاهرة الكبرى 33 درجة    ضبط 38 قطعة سلاح و272 قضية مخدرات خلال 24 ساعة    ضبط سيدة تبث مقاطع فيديو خادشة للحياء عبر الإنترنت    المرورتطرح لوحات معدنية مميزة جديدة تتجاوز مليون جنيه    تفاصيل التحقيق مع المتهمين بالاستيلاء على مبلغ مالي من تاجر في الهرم    «تنمية المشروعات»: تنفيذ خطة تدريبية متكاملة لكل العاملين بالجهاز    رئيس «اقتصادية قناة السويس» يبحث مع مجتمع الأعمال البريطاني فرص الاستثمار بمصر    ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة ل41 ألفا و252 شهيدا    أحمد الكحلاوي يحيي حفل المولد النبوي بالإسكندرية    وزير الإسكان ومحافظ الجيزة يستعرضان مخطط تطوير المنطقة المحيطة بالأهرامات    وزير الأوقاف السابق: من يسرق الكهرباء فهو يسرق الشعب والدولة    العليا للحج تكشف عن الضوابط الجديدة لموسم العمرة الجديد.. فيديو    محافظ أسوان يتفقد عددا من المدارس للاطمئنان على جاهزيتها لاستقبال العام الدراسى الجديد    أستاذ صحة عامة: مبادرة «100 يوم صحة» قدمت ملايين الخدمات للمواطنين مجانا    خالد عبد الغفار يبحث تعزيز استخدام التكنولوجيا بالقطاع الصحي    أهمها الربو والسكري.. 6 أدوية احذر تناولها مع قهوتك الصباحية    تريزيجيه في مهمة صعبة مع الريان ضد الهلال السعودي في دوري أبطال آسيا    أسعار الخضروات اليوم الثلاثاء 17-9-2024 في المنيا    موعد عرض الحلقة 4 من مسلسل برغم القانون بطولة إيمان العاصي.. هل تفقد طفلها؟    فيلم رحلة 404 ليس الأول.. تاريخ ترشيحات مصر لجائزة أوسكار    ضبط المتهمين بقتل موظف بالمعاش داخل شقته بحدائق أكتوبر    الأردن يتسلم جثمان منفذ عملية أودت بحياة 3 إسرائيليين على جسر الملك حسين    أهالي قنا يحتفلون بالمولد النبوي بمسجد سيدى عبد الرحيم القنائي    نوستالجيا.. 20 عاما على أول ألبوم منفرد ل تامر حسني "حب" لمناقشة مواقف حياتية ب حالات الحب    حزب الله يستهدف تحركات لجنود إسرائيليين في محيط موقع العباد    هل يجوز الحلف على المصحف كذبا للصلح بين زوجين؟ أمين الفتوى يجيب    «أدب واحترام وتواضع».. تامر أمين عن سلوك أسامة الأزهري باحتفالية الأوقاف بالمولد النبوي    تكريم 100 طالب والرواد الراحلين في حفظ القرآن الكريم بالأقصر    د. حامد بدر يكتب: في يوم مولده.. اشتقنا يا رسول الله    نشأت الديهي: سرقة الكهرباء فساد في الأرض وجريمة مخلة بالشرف    دار الإفتاء: قراءة القرآن مصحوبة بالآلات الموسيقية والتغني به محرم شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد السيد سعيد
نشر في المصري اليوم يوم 20 - 10 - 2009

لعل هذا هو المقال الذى تمنيت ألا أكتبه أبدا، بل احتجت لأيام عدة أستجمع فيها قواى لأكتبه. سألت نفسى: ماذا أكتب بالضبط؟ هل أكتب عن أستاذى محمد السيد سعيد الذى تتلمذت على يديه بمركز الأهرام فور تخرجى فآمن بى قبل أن يعرفنى أحد ودعمنى بلا حدود؟
أم أحكى عن أخى الأكبر محمد الذى طالما اهتم بشؤونى فاتخذ من الإجراءات وأجرى من الاتصالات ما يراه فى صالحى دون أن أطلب وبغير حتى استشارتى؟ أم أكتب عن صديقى محمد الذى لم أمر بمحنة إلا وجدته إلى جوارى؟
أم ترانى أضع كل ذلك جانبا وأكتب عن الدكتور محمد السيد سعيد العالم الفذ والمفكر الرصين والناشط السياسى النزيه؟ لم أتردد طويلا، إذ سرعان ما أدركت أن الكتابة عن ذلك العظيم يستحيل فيها الفصل بين العام والخاص لأنهما ببساطة لم ينفصلا عنده أبدا.
مفتاح شخصيته هو عشقه الصوفى لمصر، الذى كان المحدد الرئيسى لكل ما يفعل. كان حبه لمصر بالغ العمق والتركيب. كان العاشق الذى يحنو على محبوبته ويزداد احتضانه لها كلما تعمقت محنتها. أحيانا ما كان يغضب منها ولكنه أبدا لا يخاصمها ولا يصيبه اليأس منها ولا يطيق البعد عنها. ما من مرة هاتفته طوال رحلة علاجه الطويلة إلا كان يسألنى بإصرار: «وإزى أحوال البلد؟». وفى كل مرة كان صوته يحمل لهفة وشوقاً لسماع الإجابة.
كان عشقه لمصر هو سر احتضانه أجيالاً متتالية من الشباب تتلمذوا على يديه وأعطاهم جهده ووقته. كانوا بالنسبة له مستقبل مصر والأمل فى نهضتها. ورغم تواضعه الجم الذى لا تجده إلا لدى العلماء الحق مثله فقد كان مفكرا استثنائيا وعالما موسوعيا يملك واحدا من أفضل العقول المصرية إن لم يكن أفضلها على الإطلاق.
كان تواضعه يُخجل تلاميذه واستقامته الفكرية مصدر إلهامهم. ولأنه تمتع بنزاهة فكرية نادرة فقد كان جسورا فى التعبير عن رأيه مهما كانت التكلفة حتى لو اختلف معه العالم كله. وبالفعل اختلف معه كثيرون ولكنهم احترموه لأن خصوماته كانت مع الأفكار لا مع أصحابها.
كثيرون ممن عرفوا قيمته الفكرية الفذة أشفقوا عليه من كثرة اهتماماته ونشاطاته العامة وتمنوا عليه أن يكرس وقته للكتابة والعمل الفكرى المبدع الذى لا يقدر عليه سواه. لكننى أظن أن من طالبوه بذلك لم يفهموه.
فعشقه لمصر كان وحده المحرك لكل مايفعل. لم يكن يبحث عن مجد شخصى ولا فكرى. كان نقيا حالما ولكن أحلامه كلها كانت لمصر لا لذاته. فكان فى كل لحظة يفعل ما يؤمن بأنه يسهم فى تحقيق الحلم، مرة متبنياً لشباب مصر ومرة مدافعاً عن حقوق أبنائها ومرة ثائراً متظاهراً ومرة مؤسساً لصحيفة مهمة ومرات بقلمه وفكره الرصين. لكن تلك كلها كانت عنده وسائل تصب فى الهدف نفسه الذى كرس له حياته: نهضة مصر.
من هنا، أتمنى على كل محبيه أن يكفوا عن الحديث عنه ك«فقيد». فمحمد السيد سعيد هزم المرض جسده، ولكنه لم يتمكن أبدا من إيمانه بمصر. وهو سيظل حيا فى كل مشروع أسسه وفى كل شاب تعلم منه وفى كل فكرة كافح من أجلها. سيظل حيا من أجل مصر التى عشقها بلا حدود ودون مقابل.
الأفكار الكبرى لا تموت والأحلام العظيمة لا تتلاشى. أكاد أسمع صوته فى أذنى يقول لنا بدماثته المعروفة وبصوته المميز: «أرجوكم تمسكوا برايتى.. احملوها بعدى ولا تيأسوا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.