استطلاعات آراء المتخصصين والمستخدمين تشير إلى سيطرة العشوائية على قرارات الشراء لدى شرائح عديدة من المستخدمين المصريين، لتؤكد الميل أولا إلى السعر، ثم الشكل واللون لتحديد نوعية الجهاز، لتأتى المواصفات والاحتياجات الأساسية للجهاز فى مراحل متأخرة، معبرة عن حالة سوق «الهاردوير» فى مصر، والتى لا تزال فى حاجة إلى التنظيم، رغم تحقيق مجال الاتصالات خطوات ملحوظة فى النمو اعتماداً على وضع أسس تنظيمية لمحدداته. محمد فريد، أحد مسؤولى التسويق فى سلسلة «Appliance»، يقول أغلب شرائح المستخدمين تريد الاقتناء فقط ولا تعرف ما الذى تريده تحديداً ولا حتى طبيعة احتياجاتها. وربما تدفع هذه السلوكيات فى اتخاذ قرارات الشراء إلى خلق نوعية من العشوائية فى تنظيم سوق الكمبيوتر، خاصة أن بعض القائمين على بيع الأجهزة الإلكترونية يستغلون عدم دراية المشترى بالمواصفات المطلوبة ويبيعون له ما لا يتناسب فى الغالب مع احتياجاته، وإنما مع ما يريدون التخلص منه، وهو ما أشار إليه أحد مسؤولى المبيعات فى مول لأجهزة الهاردوير بأن «الزبون غير الواعى غالبا ما يقع فريسة سهلة لبعض التجار». الصورة تتكرر كثيراً فى محال بيع أجهزة الكمبيوتر عندما يدخل «زبون» ويبدأ فى السؤال عما يناسبه، ويقول عمرو الجوهرى، مهندس يعمل بالخارج: «الوضع خارج مصر مختلف، حيث تجد دائماً البائع يقف فى صفك ولا تعنيه الماركة ويبدأ بسؤال عن احتياجاتك والميزانية التى حددتها ويبدأ فى ترشيح مجموعة من الأجهزة ويترك القرار لك فى النهاية وهو لا نجده من البائعين فى مصر». ويرى أيمن بيومى، يعمل فى محل لصيانة أجهزة اللاب توب المستعمل أن المعاملة واحدة فى المحال الكبيرة والصغيرة فى مصر الفرق - حسبما يقول - فى الأسلوب وطريقة العرض والإقناع، ولكن كليهما يريد أن يبيع لك الجهاز الأغلى أو الأقل طلباً بغض النظر عن احتياجاتك. ويضيف: «للأسف المستخدمون فى مصر لا يعرفون ذلك ويتخذون قرار الشراء بناء على الأغلى أو الأكثر معرفة بالنسبة لهم، والبائعون يستغلون جهل البعض ويعتقدون أن الأمر شطارة». ويبدو أن العلاقة الأزلية المبنية على الاستغلال وعدم الثقة بين البائع والمشترى لا تبتعد كثيراً عن سوق أجهزة «اللاب توب»، وإنما تسيطر مثلها مثل أى سلعة فى السوق المحلية، حيث تعد الثقة مثار أزمة يشكو منها كل من البائع والمشترى على حد قول أحمد جمال، رئيس قسم المعلومات بشركة «نيلسن» للأبحاث التسويقية. ويضيف: «السوق المصرية تحتاج ما يمكن أن نقول عنه تعليم المستخدمين لأسس عمليات الشراء وفقاً لأدوات حديثة وفرتها لنا التكنولوجيا سواء شبكة الإنترنت أو الدراسات التسويقية المتخصصة التى تعرض نتائج دقيقة بعد دراسة قائمة الاحتياجات والإمكانات، وللمستخدم أن يقارن ويختار بنفسه ما يناسبه». وبالرغم من الآفاق المعلوماتية التى توفرها الشبكة العنكبوتية حول أجهزة «اللاب توب» بداية من ماركتها وأسعارها ومكوناتها وأحيانا فيديو يشرح كيفية استخدامها، إلا أن الشراء العشوائى لا يزال مسيطرا على شرائح عديدة من المستخدمين المصريين، فيقول أحمد نجيب طالب جامعى: «لا أثق بكلام الإنترنت لأن كل شركة تريد الفوز على الأخرى ولكن المعاملة المباشرة ورؤية الجهاز والحديث مع البائع هى ما يفيدنى أكثر». ويتعجب حاتم سعد، أحد أعضاء جروب «كمبيوتر مول أون لاين» Egypt IT & Computer Mall على موقع « فيس بوك» من قيام البعض بشراء أى جهاز كمبيوتر أو أى منتج من أى نوع، ويقول: «قبل سنوات كان من الممكن أن تحدث عمليات غش وخداع أما الآن فاى منتج يتم عرض مواصفاته بعيوبه ومميزاته على عشرات من مواقع الإنترنت الاجنبية والعربية». حاتم سعد يؤكد أنه قام أكثر من مرة بتغيير قرار شراء منتج بعينه بعدما قرأ التعليقات السلبية عليه فى مواقع الإنترنت، وضرب مثلاً بموقع Bestbuy.com الذى أتاح له أن يعرف عيوب ومميزات جهاز «نت بوك» كان سيشتريه. ويضيف: «عندما وجدت التعليقات عليه ليست جيدة قمت بتغيير قرارى واخترت جهازاً آخر بناء على رأى تعليقات من مستخدمين قاموا بتجربته وهو ما نحاول أن نقوم به على «جروب» موقع ال«فيس بوك». وبينما تتعدد الماركات التى يصدر تحت عباءتها «اللاب توب»، إلا أن عدداً قليلاً من الماركات العالمية تستحوذ على سوق هذه الأجهزة فى مصر، خاصة شريحة أجهزة «النت بوك» التى مازلت مقصورة على أسماء معينة، حيث تشير دراسة لشركة «Display search» المعنية بالبرمجيات إلى استحواذ «HP» على المركز الأول تلتها «Asus» ثم «Acer». ويقول أحمد مجدى، طالب جامعى: أفضل شراء «النت بوك» لصغر حجمه وإمكانية حمله فى أى مكان. أما عن اختياره للماركة التى يفضلها. فيقول: «أفضل الماركات ذات الاسم الموثوق وهذا استطيع أن أعرفه من الأصدقاء الذين سبقونى فى الشراء». بينما نصح «حازم حافظ» مهندس كمبيوتر بضرورة النظر إلى المواصفات أولا وأخيرًا وليس الاعتماد على الشهرة التى تحققها الماركة. وفى هذا السياق، يقول محمد جمال، صاحب أحد المتاجر المتخصصة فى بيع أجهزة «النت بوك» إن المستخدمين غالبا ما ينجذبون إلى شهرة المنتج دون التعرف على ما يقدمه لهم، وربما يجهلون فروقاً جوهرية بين الماركات المختلفة لاستماعهم إلى نصائح الآخرين. وتؤكد هاجر فرج، طالبة جامعية، أن شراء «النت بوك» بالنسبة لها يتمثل فى شكل ولون بناتى «روز» ولابد أن يكون سعره مناسباً وألا يتعدى 1400 جنيه دون النظر إلى مواصفاته. وتتفق معها إسراء أحمد فى أن «النت بوك» عبارة عن شكل جميل ويمكن حمله داخل الحقيبة الشخصية. وتعترف بأن الأمر تحول إلى «موضة» لدى الكثير من الشباب مثل أجهزة «الآى فون وآى بود». وتشير تعاملات البائعين إلى أن ثقافة الشخص تسيطر على اختياراته ومحددات قرارات الشراء لديه. محمد حسيب، المسؤول فى سلسلة محال «راديو شاك»، يؤكد أن المستوى الثقافى يشكل عاملاً كبيراً فى الشراء بالنسبة للعملاء، معتبراً أن العملاء ذوى المستوى الثقافى والاقتصادى الأفضل هم الأكثر قدرة على التمييز والشراء وفقاً للاحتياجات الحقيقية وليس اعتماداً على السعر أو الماركة. ويشير إلى أن من يبحثون عن المواصفات دون السعر غالبيتهم من المستخدمين الذين سبق لهم الشراء أكثر من مرة، لبحثهم عما يشبع اهتماماتهم اعتماداً على التجارب السابقة، على عكس من يقومون بالشراء لأول مرة فاختياراتهم تعتمد على السعر والشكل ثم الحجم.