بطريقة غير مباشرة وبلهجة صعيدية قدمت المخرجة لبنى عبدالعزيز المسرحية السياسية «العانس»، الخميس الماضى على مسرح الشباب على هامش مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى. شهد العرض إقبالا كبيرا من الجمهور، وامتلأت قاعة المسرح، واضطر عدد كبير إلى الوقوف طوال مدة العرض لعدم وجود أماكن. المسرحية التى تلعب بطولتها حنان سليمان تميزت بديكورات بسيطة (فرن بلدى وغية حمام وزير وصندوق لحفظ الملابس) وطوال 75 دقيقة- هى مدة عرضها- استطاع مؤلفها على أبوسالم تجسيد البيئة الصعيدية على خشبة المسرح بلهجتها وملابسها من خلال شخصية «تبر» الصعيدية، وهى امرأة عانس يعتمد عليها أهالى بلدتها فى أكثر من عمل تجيده منها: خاطبة وماشطة وبلانة وداية ومعددة، وترمز إلى مصر، فهى الفتاة التى اغتصب العمدة حقها فى الزواج بقتله زوجها الذى يعمل خفيرا ليلة زفافهما، لأنه يطمع فى الزواج منها، لكنها ترفض، وتظل تنتظر عودة حبيبها، وكل ليلة تجلس فى بيتها وحيدة تستدعى الأحداث التى جعلتها «عانسا رغما عنها»، فى حين تجمّل العرائس القبيحات ليتزوجن، والعمدة الظالم الذى لا يجد من يعارضه. المؤلف على أبوسالم أكد أنه لا فرق بين «تبر» ومصر، فمصر مازالت البكر العانس التى تعطى لنا الكثير رغم أنها فقيرة، وحكامها قتلوا كل شىء جميل فيها بسبب ظلمهم وعدم تقديرهم لجمالها، ولذلك فالشعب المصرى ينتظر حبيب «تبر» المخلص الذى فى اعتقادهم سيعيد لهم الحياة الكريمة والاستقرار الذى افتقدته عبر تتابع الحكام عليها وهم من شجرة واحدة لا يختلف أحدهم عن الآخر مثل العمدة وأبنائه الذين يتوارثون العمودية ولا يختلفون عنه فى فرض سطوته ونفوذه على الجميع. وقال أبوسالم: أقصد بالعمدة الحاكم الظالم الذى يغتال كل صوت قوى وهذا الحال لا يختلف كثيرا عن الحال فى مصر، والمسرحية تنادى بعدم التوريث، مع عدم فقدان الأمل فى قدوم شخص يخلص البلد مما هى فيه. ونفى أبو سالم اعتراض الرقابة على المسرحية لأنها «لم تفهم مضمونها غير المباشر»، على حد قوله، فظاهرها أنها تعالج مشكلة مجتمعية مثل العنوسة وتأثيرها على المجتمع، لكن الجمهور المثقف الذكى استطاع أن يفهم الغرض منها. أبوسالم اختار المجتمع الصعيدى ليكون محورا لأحداث المسرحية لأنه فى الأصل صعيدى ينتمى إلى إحدى قرى محافظة سوهاج، وقال: العمدة فى الصعيد شخصيته قوية جدا، ويتعامل مع قريته على أنها دولة خاصة به، ويفرض سيطرته عليها.