قبل تسعينيات القرن الماضى كانت أغلفة الكتب الثقافية فى مصر لا تعبر عن شىء مما بداخلها، مجرد خطوط وصور أقرب إلى الكتب المدرسية، ومع التحولات التى طرأت على سوق النشر المصرية وتحولات شخصية المثقف والقارئ معا، اصبح تصميم غلاف الكتاب فنا شديد الخصوصية، وصار الغلاف عملا فنيا يضاف إلى ما يحتويه الكتاب نفسه من إبداع. وفى هذا الإطار لمع اسم الفنان أحمد اللباد، كأحد أشهر فنانى الغلاف فى مصر. يقول الفنان أحمد اللباد إن تصميم أغلفة الكتب ليس مهنة، لكنه أصبح يحظى مؤخرا بالاهتمام، وإن مصممى الأغلفة قلائل مقارنة بالكتب المنشورة، وإن بعض الناشرين يلجأون إلى مستخدمى الكمبيوتر لوضع غلاف أرخص لكنه يفتقد إلى الرؤية.. ويضيف أن الغلاف عليه مسؤولية كبيرة، لأنه الواجهة الأولى للكتاب، ووسيلة التعبير الوحيدة عن المادة التى يحتويها، لذا فإنه لابد أن يلفت القارئ ويعبر عن نوع الكتاب والمعلومات التى يحتويها واتجاهها، وأن يدعو القارئ للاشتباك، وأن يكسب المنافسة الصحية مع باقى أقرانه من الكتب المجاورة له فى نفس الرف، بالإضافة إلى التعريف بدار النشر. وعلى الرغم من تأكيده حقيقة أن الغلاف مدخل الكتاب، فإنه يؤكد فى الوقت نفسه أنه لا يمكن للغلاف وحده أن يؤدى إلى نجاح أو فشل الكتاب، وإنما يساعد فى تسهيل بيعه، بأن يوفر للقارئ البيانات المضبوطة، وقد يصعب عملية البيع. «لكى يكون التصميم جيدا يجب أن اقرأ الكتاب كله، لكى أخرج بروحه لتتحول إلى وجبة بصرية على الغلاف، والتى قد تخرج من فقرة صغيرة، خاصة فى حالة الكتب الأدبية».. هكذا يصف اللباد كيفية دخوله إلى فكرة اللوحة الأمامية المسماة «غلافاً»، ولفت إلى أن الاهتمام فقط بترجمة العنوان إلى صورة غلاف يعد مأزقا، لأن العنوان ليس الأصل وإنما النص، خاصة فى ظل استخدام عناوين غير معبرة فى بعض الأحيان عن حقيقة ما يحتويه الكتاب، وقد تكون تلك الوجبة البصرية متقشفة جدا، بمعنى استخدام عنصر فنى واحد فى رسم الغلاف، أو غنية بالعديد من الفنون، كالرسم والنحت والصور الفوتوغرافية. وعن الأخطاء التى قد يقع فيها المصمم يقول: الغلاف الجيد تتأكد جودته بعد قراءة النص، لأننى أتأكد من أنه عبر عن المتن بذكاء ودقة، وعن أخطاء المصمم فإنه قد يكتفى بالعنوان فى تخيل تصميم الغلاف، وهو ما يعد خيانة للنص وإهداراً لجهد الكاتب، خاصة فى الكتب الأدبية والتى غالبا ما يتم اختيار عنوان بها كنوع من الحيلة المقصودة أو يتم اختياره اختيارا عاطفيا، الخطأ الثانى هو عدم وجود روح خاصة لغلاف الكتاب، بأن يقوم بتقليد غلاف موجود لكتاب ناجح أو لافت. وفى نظر اللباد فإنه لا توجد مهنة اسمها مصمم غلاف، ويقول: بالرغم من نجاحى خلال الفترة الأخيرة، فإننى لست مصمم أغلفة، لأن المصطلح الأصح هو «مصمم جرافيك»، وبالفعل يجب على مصمم الأغلفة أن يكون ملما بكل القواعد الفنية، خاصة أن كل الفنون حاليا متصلة. وفى الفترة الأخيرة مع ظهور برامج الكمبيوتر التى تساعد فى مجال الرسم والتصميم لا يلجأ عدد من دور النشر إلى مصممين محترفين بدعوى التوفير، كما أننى لا أستطيع القول إن كل المصممين العاملين بالمجال يحبونه، فأنا شخصيا رغم عملى فى بدايتى كمصمم إعلانات لم أكن أحبها، وأشعر بحرية أكبر عند تصميم شىء له علاقة بالتحرير، سواء كتباً أو ملصقات أو جرائد ومجلات. ويضيف: شخصية المصمم تظهر فى فكرته الخاصة التى انتقاها للتعبير عن الكتاب، و«مش مفروض انى ألوى دراع الأمور وأكون ماشى بشنطة تصميمات، لكن كل دار لازم يكون لها سياق عام». ويعترف بأن عنوان الكتاب من حق الكاتب والناشر، ويوضح: بالرغم من أن الكتب تتفاوت فى درجة جودتها إلا أننى عادة ما أعمل مع دور نشر مسؤول عنها فنيا وعلى علم بتوجهاتها، ولكن لو جاءت لى دار نشر لتصميم غلاف لا أرضا عن محتواه، فإننى أرفض، مثل كتب الغيبيات أو الجن والعفاريت، لكننى لا أرفض كتابا بسبب عنوانه، وهناك مرتان فقط طلبت فيهما تغيير العنوان.