فى برنامج «العاشرة مساءً»، كان الموضوع: «أكوام الزبالة.. ومَنْ المسؤول؟».. وبعد نقاش طويل عن غياب المنظومة فى كل شىء بمصر الآن، والتدهور المخيف الذى عم شؤون حياتنا، والوكسة التى حلت علينا بعد أن أصبحنا مسخرة، ومضحكة لكل من لا يسوى.. وكيف عجزت الدولة عن تسيير شؤوننا، واستسهلت أن تخدم «طبقة» أو «مجموعة» بعينها من رجال الأعمال المقربين، أو من أثرياء المرحلة.. تاركة أغلبية الشعب فى واد آخر!! هنا «ألقت» ضيفة الحلقة، الكاتبة الصحفية «ماجدة الجندى» بحَجَر فى بركة المياه الراكدة، عندما قالت بوضوح، وبشجاعة: «إن قائد قطار الوطن.. لا يعرف الآن أنه يقود رأس القطار، وبعض العربات الملتصقة به فقط ولم يعد «يجر» وراءه باقى عربات القطار.. بعد أن نجحت (الحاشية) - بعلمه أو دون علمه - فى فصل عربات الدرجة الثالثة بالكامل، التى تركوها ترتد للخلف لتواجه مصيرها المحتوم بلا أدنى شفقة أو رحمة»! وبما أننى ممن أتيح لهم ركوب «قطارات أوطان أخرى».. منها المتقدم جداً.. ومنها أوطان لا تملك سوى إرادة عارمة فى النجاح.. وبحكم ركوبى منذ سبع سنوات فى قطار الوطن الأم بعد عودتى من بلاد المهجر.. فها هى الصورة التى رسمها عقلى لما قالته الكاتبة المحترمة.. والمقارنة بين القطارين بمنتهى الاختصار: 1- هناك بالدول المحترمة.. «قطار الوطن».. يبدأ باتفاق الركاب مع السائق على القيادة ل«مدة زمنية» محددة، يتم تغييره بعدها بلا نقاش أو لف ودوران!! 2- هو قطار إكسبريس «درجة واحدة».. يتساوى فيه ابن الرئيس مع ابن الغفير.. ولا فرق بين حرم الوزير وحرم ماسح الأحذية.. فكلتاهما إذا خالفت إشارة المرور ستلقى العقاب نفسه!! ولهذا تجد الناس هناك ينتمون إلى «قطار الوطن»، ويشعرون بأنه ملكهم وفى خدمتهم، وبالتالى يجب الحفاظ عليه، والدفاع عنه، والمشاركة فى نظافته وتطويره. .. أما «قطارنا».. قطار المحروسة.. فهو «قطار قشاش».. ماركة: اللى يحب النبى يزق. لا يملك أى منظومة تسيير.. وليس له هدف محدد.. ولا تطبق فيه معايير الشفافية أو المحاسبة أو التقييم.. وشعاره: اللى مش عاجبه ينزل، أو يضرب دماغه فى الحيط!! وبسرعة نصل إلى وصف سريع لما يحدث «داخل قطار الوطن»: ■ «رأس القطار».. عندنا يجلس «القائد» أمام عجلة القيادة، وكعادتنا تجده يضع ابنه على حِجْره لتعليمه القيادة، وكأن قطار الوطن هو سيارته الخاصة، ولهذا نتوجع من الرزع فى المطبات الصناعية، ونرى عجلة القيادة تهتز فى يد السائق، مما يسبب صداعاً لكل ركاب القطار!! ومن خلف «القائد» أو «السائق» ترى «رئيس الديوان»، ومجموعة الخدمة.. عرض بوستة.. توزيع الشكاوى الواردة.. إرسال الأوامر والتعليمات التى يكتبها «القائد» أو يتفوه بها.. أو يستنتجونها من علامات وجهه أو تعبيرات يده!! ■ «أول عربة» ملحقة برأس القطار: بما أن «القائد» فى مرحلة الشيخوخة، فهو يحتاج إلى الراحة فى أى وقت.. لهذا أخلوا له العربة التى كانت مخصصة للمستشارين، والخبراء، وكبار المعاونين.. وتم تغييرها بالكامل لتصبح «منتجعا» يليق بالقائد.. وكتبوا عليها «عربة شرم الشيخ»!! ■ عربة «2» وهى الآن مخصصة للأجهزة الأمنية الحاكمة بأساليبها المتنوعة!! ■ عربة «3» فى أحد أركانها «أمين عام الحزب»، الذى يتواصل مع كثيرين تليفونياً، لتهدئة أوضاع، أو للتدخل فى حل بعض الصراعات.. وأحياناً لضرب بعض الأجنحة حفاظاً على التوازن الذى يحقق المصلحة.. وما أدراك بالمصلحة!! وفى الركن الآخر.. يجلس «رئيس مجلس الشعب».. ومن حوله هيصة وزمبليطة، وضجيج بلا طحين!! ومن بعيد: تلمح رئيس الحكومة منكفئاً على نفسه، محدقاً بجهاز إلكترونى يتلقى منه التعليمات والتوجيهات، وعليه توزيعها. ■ عربة «4» ال V.I.P وهى أفسح العربات بقطار الوطن.. تم استحداثها وتخصيصها لمجموعة بعينها من أهم المهمين «من رجال الأعمال المقربين والجاهزين كممولين Sponsor لأى حملات انتخابية أو هجومية. فى هذه الغرفة الكبيرة، كل شىء مستورد من الباركيه، مسمار سويدى.. وبالرخام الإيطالى.. والسيراميك المجانى، والحنفيات والسيفونات الذهب الألمانى.. ولن أحدثك عن الأسقف الملوكىٍ، والسجاجيد الإيرانى.. وهى العربة الوحيدة التى تفتح لأصحابها بوفيها دائماً مكدساً بالكافيار الروسى والفواجرا التلوزى والسيمون فيميه الأيرلندى، والشيف الباريسى يضع أمامك سلطانية «المارون جلاسيه»، التى صنعت خصيصاً لملاك هذه العربة الvip، الذين لا يتجاوز عددهم 2000 شخص، يبرطعون فى عربة مساحتها تزيد على مساحة خمسة آلاف عربة من عربات قطار الوطن البالغة ثمانية آلاف عربة تحمل كل منها عشرة آلاف مواطن هم عدد سكان المحروسة!! ■ العربة الخامسة: وهى قافلة مكونة من «عشر عربات» خصصها رجال الأعمال الvip لحساب الموالسين، والمتواطئين، والسماسرة، والوسطاء، والقومسونجية، والمخلصاتية، ومجموعة «آل كابونى» من العصابات المستترة.. ومعهم بعض من يدعون أنهم صحفيون أو إعلاميون، و«آخرين» لزوم العولمة! [email protected]