فى مدينة البندقية، وفى ناحية من نواحيها النائية، كنا نحتسى قهوتنا فى أحد المطاعم، فجلس إلى جانبنا شخص، وقال للنادل: اثنان قهوة من فضلك واحد منهما على الحائط! فأحضر النادل له فنجان قهوة وشربه صاحبنا، لكنه دفع ثمن فنجانين وعندما خرج الرجل قام النادل بتثبيت ورقة على الحائط مكتوب فيها فنجان قهوة واحد.. وبعده دخل شخصان وطلبا ثلاثة فناجين قهوة، واحد منها على الحائط، فأحضر النادل لهما فنجانين فشرباهما ودفعا ثمن ثلاثة فناجين وخرجا، فما كان من النادل إلا أن قام بتثبيت ورقة على الحائط مكتوب فيها فنجان قهوة واحد.. وفى أحد الأيام كنا بالمطعم فدخل شخص يبدو عليه الفقر فقال للنادل: فنجان قهوة من على الحائط، فأحضر له النادل فنجان قهوة فشربه وخرج من غير أن يدفع ثمنه.. ذهب النادل إلى الحائط وأنزل منه واحدة من الأوراق المعلقة ورماها فى سلة المهملات.. تأثرنا طبعاً لهذا التصرف الرائع من سكان هذه المدينة، والذى يعكس واحداً من أرقى أنواع التعاون الإنسانى، فما أجمل أن نجد من يفكر بأن هناك أناساً لا يملكون ثمن الطعام والشراب ونرى النادل يقوم بدور الوسيط بينهما بسعادة بالغة وبوجه طلق باسم، ونرى المحتاج يدخل المقهى وبدون أن يسأل هل لى بفنجان قهوة بالمجان، فبنظرة منه للحائط يعرف أن بإمكانه أن يطلب ومن دون أن يعرف من تبرّع به. لهذا المقهى مكانة خاصة فى قلوب سكان هذه المدينة. فى النهاية هل يمكن تنفيذ هذه الفكرة داخل مصر؟.. أنا لا أمزح.. ولكن أتساءل. آية عصام المسلمى [email protected]