يعد الممثل السورى عابد فهد واحداً من الوجوه التليفزيونية العربية الجذابة التى يتابعها المشاهد العربى كل عام بإطلالته وحضوره المميزين، عرفه الجمهور المصرى بعد تقديمه شخصية الأمير حسن فى مسلسل «أسمهان» العام الماضى. هذا العام قدم عابد تجربة مختلفة فى شخصية المراسل الحربى «ناجى» فى مسلسل «هدوء نسبى» والذى يتعرض للاختطاف والتعذيب فى سجن أبوغريب، وفى هذا الحوار يتحدث عابد ل«المصرى اليوم» عن التجربة الإنسانية قبل الفنية التى خاضها لتقديم هذا العمل. ■ لماذا اخترت تقديم مسلسل «هدوء نسبى»؟ - لأن الفكرة جديدة تماماً، ولم يطرح من قبل ما حدث فى العراق من انتهاكات وحرب أمريكية ضد الأبرياء بعيون عربية، وهذا كان شيئًا مغرياً بالنسبة لى ويعنينى كإنسان عاش الأحداث وعاش فترة السقوط بشكل كبير جداً ومؤلم، وقد كان ذلك صدمة أخذت مراحل ووقتاً كبيراً كى نستيقظ منها ونستوعبها، وقد طرحت هذه الفكرة علىّ عند انتهائى من تصوير مسلسل «أسمهان» العام الماضى، وكان هناك عدة مشروعات فنية عرضت على، ولكننى فكرت فى ماهية المشروع الذى يثرى ساحة الدراما العربية، وبحثنا فى كم الأعمال الأمريكية التى قدمت عن الحرب على العراق وعن سقوط بغداد من وجهة نظر أمريكية فى أكثر من فيلم ومسلسل، وفى المقابل لم يكن هناك أى وجهة نظر عربية تقدم تلك الحرب، وكان لدينا توجه لأن نقدم وجهة نظر عربية فى عالم غريب ملىء بالأسئلة، وعالم تحت الاحتلال، وكانت هذه فكرة العمل، والقضية هى التى حفزتنا، حيث سقوط أكبر عاصمة عربية واحتلال بغداد الذى تألم له المواطن العربى فى كل مكان. ■ وما الذى أعجبك فى شخصية المراسل الحربى «ناجى»؟ - أعجبنى فيها أنها شخصية تملك حجة وتكشف جانباً غير واضح فى حياة المراسل الحربى، فتحديداً هو شخص يعيش كالجندى فى المعركة، لكن سلاحه الحقيقة التى من واجبه أن يقدمها للمشاهد، فلا يستطيع أن يراوغ، بل يكون على تماس مما يحدث ومن الجرائم التى ترتكب، كما أنه يقف بين طرفى المعركة على مقربة من الخاسر وعلى مقربة أيضا من المنتصر، وبعد نهاية هذه الحرب يصبح جزءاً مزعجاً لطرفى المعركة، فمن خسر لا يريد أن يكشف حقيقته، والرابح لا يريد كشف كم الجرائم التى ارتكبها، والمراسل هو بيت القصيد، فهذه الشخصية غير متوازنة، ودائماً قلقة تبحث عن مكان تستقر فيه وسط هذا الصخب الذى يحيط به. ■ لماذا تناولتم الحرب على العراق من خلال شخصية المراسل تحديداً؟ - لأن المراسلين عصب الإعلام، والإعلام جزء رئيسى من الحرب ووسيلة مهمة مثل أى بارود أو دبابة. ■ هل اقتربت من مراسلين حربيين لتقديم الشخصية؟ - لدى احتكاك ومعرفة بكثير من المراسلين من أصدقائى، وأعرفهم بشكل شخصى قبل العمل فى مشروع «هدوء نسبى»، وعامة لسنا فى حاجة لمعرفتهم شخصياً، فنحن نراهم عبر الشاشة يومياً ونلمس مدى الخطر والقلق والمعاناة التى يعيشونها. ■ أى المشاهد كانت صعبة عليك فى أدائها؟ - كل مشاهدى وكل المشاهد فى المسلسل كانت صعبة للغاية، حيث العمل ملىء بمشاهد التفجيرات والمعارك، وهذا المشروع أرهقنى وتعبنى كثيراً، ولكن يبقى مشهد لحظة سقوط بغداد هو الأصعب ليس فنياً فقط ولكن إنسانياً أيضاً كلما استرجعت هذه اللحظات التى عشناها عبر الشاشات الفضائية، لكن معايشتها كما لو كنا فى مواقع الأحداث وأداءها أمران مختلفان وأكثر حزناً. ■ حافظ «ناجى» على خط رومانسى خلال الأحداث رغم ثقلها مع زميلته «ناهد».. هل كان ذلك مقصوداً؟ - بالفعل.. فالحب الحقيقى من حق أى إنسان أن يحتفظ به وبمساره فى حياته، وهو يجعل الإحساس مطلقاً، وتقديمه فى العمل وسط الظروف الصعبة التى خاضها «ناجى» و«ناهد» من حرب واعتقالات وتعذيب على يد الأمريكيين مغزاه طرح تساؤل مهم عن إمكانية أن يعيش الحب فى هذه الحرب، وأيضا هل يحتاج الإنسان إلى الحب كى يعيش ويواصل فى المعركة. ■ هل واجهتكم أى مشكلات أثناء التصوير؟ - لم نواجه أى مشكلات فى التصاريح الأمنية فى سوريا، بل كل الأماكن كان مسموحاً بالتصوير فيها، والشوارع التى أردنا فيها التصوير فتحت أمامنا، وقد وفر استديو كبير جدا للتصوير، وكان الأهالى متعاونين معنا جدا، وحقيقة الأمر أن هذا العمل ما كان ليقدم إلا من خلال سوريا، بينما فى مصر كان هناك بعض الصعوبات، فقد صورت مشاهدى فى القاهرة لمدة 15 يوماً، وأتمنى أن تكون هناك تسهيلات بها كما فى سوريا، لكى تتوفر دراما مميزة كالتى نقدمها لدينا، صحيح أن مدينة الإنتاج الإعلامى مشروع مصرى مهم، لكنها لا تكفى لصنع صورة واقعية مليئة بتفاصيل الشارع المصرى الحقيقى، كما أن بها تكرارا للشوارع التى تشبه بعضها البعض وتبدو كديكورات، بينما مطلوب فى أى مدينة إنتاج إعلامى أن يكون فيها سخاء يظهر واضحاً فى تغيير للأماكن والمناظر المختلفة والديكورات والاكسسوارات بها، ولا يكفى أن تتيح لى التصوير فى مدينة فارغة. ■ وماذا عن المشكلات والضغوط الأمنية الأمريكية لعرقلة تصوير المسلسل؟ - لم يكن هناك أى ضغوط من أى نوع، والدليل أنكم تابعتم العمل، وشاهدتم سجن أبوغريب وما جرى به من عمليات اعتقال وتعذيب، وإذا كان الأمريكان قدموا أبوغريب فى أعمالهم فلم لا نقدمه نحن. ■ هل تشعر أن المسلسل ظلم إعلامياً من ناحية الاهتمام به وأيضا بعرضه فى رمضان؟ - العمل الجيد يفرض نفسه فى رمضان أو غيره، ولكننى أعتقد أن هذا الزحام والكثرة سوف تنتهى فى رمضان المقبل أو بعد المقبل، وحقيقة أفكر فى عدم عرض أى مشروع مقبل لى مهما كان فى رمضان، رغم أن الجميع يتسمر أمام التليفزيون فى رمضان وترتفع نسب المشاهدة بشكل كبير. ■ هل ترى التعاون بين العاملين فى المسلسل من جنسيات عربية مختلفة وراء نجاحه؟ - برأيى هذا طبيعى وما يجب أن يكون، وأتمنى ألا يستغرب أحد هذا التعاون، فهذا هو المفروض والمطلوب، وغير مجد ما يحدث من تراشقات إعلامية بين الفنانين المصريين والفنانين السوريين من وقت لآخر، فهذا لا يفيد الوحدة العربية التى نبغى تحقيقها، كما إننى خضت هذه التجربة فى أعمال سابقة لى مثل «أسمهان» و«عرب لندن»، وأعتبر نفسى من المؤسسين لها. ■ وهل تتوقع تكرار تقديم فكرة الحرب على العراق فى أعمال مقبلة؟ - أعتقد أن عدوى «هدوء نسبى» ستنتقل إلى العديد من الأعمال.