بميدان محطة السكة الحديد بمدينة الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية يقف شامخًا جسورًا ممتطيًا جواده رافعا سيفه، مرتديًا ملابسة العسكرية برتبة الأميرالاى فى زمنة.. إنه الزعيم أحمد عرابى.. تأملته وأنا أجلس على المقهى المقابل لهذا النصب التذكارى الجليل لزعيم عظيم.. تذكرته وأنا أشاهد ملامح استعداد المحافظة للاحتفال بعيدها القومى يوم 9 سبتمبر.. قد لا يعلم البعض أن هذا اليوم بالتحديد تحتفل مصر كلها بعيد أطلقوا عليه اسم (عيد الفلاح) ولكننى على يقين أن كثيرين يعرفون أن فى هذا اليوم 9 سبتمبر سنة 1801 كانت وقفة هذا الرجل العظيم ومعه نخبة من ضباط الجيش المصرى وجمهور غفير من الشعب المصرى أمام قصر عابدين.. قصر أفندينا الخديو توفيق ليقدم مطالب الجيش والشعب فى مشهد سياسى ووطنى مصرى لن يتكرر ولم يتكرر حتى اليوم.. لقد عرف هذا اليوم وسجل فى تاريخ الحركة الوطنية المصرية باسم (هوجة عرابى).. نعم هوجة عرابى يا الله .. يا لها من هوجة وما أعظمها عندما تكون ضد الظلم والطغيان، والتسلط ضد الشعب ولن أضيع وقت القارئ فى سرد الحوار الذى دار بين الزعيم أحمد عرابى والخديو توفيق فقد قرأناه وتعلمناه ويحفظ أغلبنا قولته الشهيرة (لقد خلقنا الله أحرارًا ولم يخلقنا تراثًا أو عبيدًا. ووالله الذى لا إله إلا هو لن نستعبد بعد اليوم) ومع رشفة الشاى الأسود الفلاحى الجميل فى محافظتى الجميلة، وأمام هذا النصب التذكارى الخالد قلت لنفسى ماذا لو سألت الزعيم عن رأيه فيما يراه الآن حوله.. فقلت يا زعيم ماذا ترى فينا الآن؟ قال ومن أنت؟ ومن أى فصيل تنتمى؟ قلت: أنا مصرى شرقاوى ولحزب الوفد أنتمى.. قال: ومن هو زعيم حزب سعد باشا زغلول الآن؟ قلت إنه محمود أحمد أباظة. قال وفى أى إقليم ولد؟ قلت فى إقليمالشرقية قال.. إذن هو شرقاوى.. قلت: نعم.. قال: عليك أن تبلغه أن الوطن فى خطر عظيم وإنى أرى الناس من حولى وهم فى هم وكرب شديد.. قلت وماذا ترى يا زعيم؟ قال: قل لولدنا محمود أباظة بك أن يركب حصانه ويذهب إلى أفندينا ويطلب منه الرحمة للأمة.. ورفع البلاء عن الناس وعزل الفسدة والمفسدين وأن يجعل الأمة تختار نظارها وأفنديها بكل حرية ودون تزوير. ثم صرخ بأعلى صوته وهو يقول قم يا ولد.. قم يا ولد وقل لولدنا محمود أباظة بك أنت شرقاوى شجاع فلا تخاف وافعلها كما فعلها جدك أحمد عرابى باشا. وكل عام وأنت طيب يا زعيم.. وكل عام ومحافظتى الجميلة طيبة وبألف خير! محمد حرش- بلبيس شرقية