تتحدث الأوساط الدولية الآن عن إنجاز مصرى جديد وغير مسبوق.. وبثت وكالات الأنباء العالمية تقارير عدة عن نصر يقارع نصر أكتوبر 1973.. فبينما عبرت القوات المسلحة المصرية قناة السويس وحطمت خط بارليف المنيع فى 6 ساعات.. تمكن التليفزيون المصرى بعد 36 عاماً من «عبور كل القنوات الفضائية» بضربة معلم.. والانتصاران فى شهر رمضان.. الأول كان تحت شعار «الله أكبر».. والثانى رفع لافتة «مفيش حاجة حصرى.. كله على التليفزيون المصرى»! وإنجاز التليفزيون استغرق وقتاً من التخطيط والاستعداد والتنفيذ يفوق ما استغرقه الإعداد لحرب أكتوبر.. فبمجرد انتهاء شهر رمضان الماضى، تشكلت غرفة عمليات بخرائط لكل النجوم والنجمات.. وانبثقت عن غرفة العمليات لجان فرعية برئاسة لجنة عليا تضم كل «الرؤوس الكبيرة» فى ماسبيرو.. ويروى أن أعضاء اللجان اجتمعوا فى جنح الليل، وأدوا حلف «الطلاق المغلظ» بأن يقهر التليفزيون المصرى محطات دريم، والحياة، والمحور، وأوسكار، وأى قناة مصرية خاصة فى شهر رمضان الكريم، وصدرت التعليمات واضحة للرجال البواسل: من رأى منكم ممثلاً درجة ثالثة فى استديو يشترى بأى ثمن.. علينا يا أبطال مصر أن ندمر كلمة «حصرى»، وكل هذا من أجل مصر التى هى أمى.. وأمك.. وأم من لا أم له! التليفزيون المصرى من أجل هذا الإنجاز الساحق والنصر الماحق، ترك السماوات مفتوحة طوال العام ل«الجزيرة» و«العربية» و«المنار».. فتشكيل العقل والوعى والدور لا يهم كثيراً أمام الرسالة السامية فى شهر رمضان.. دعونا نعمل فى صمت مطبق طوال 11 شهراً من العام حتى تظهر ليلى علوى ويسرا وإلهام شاهين ولوسى على شاشتنا الوطنية فى ليالى رمضان.. دعونا نترك «التفاهات» للمحطات العربية، ونركز على مسلسلات وبرامج رمضان.. وبدلاً من «صداع» الإنتاج، نشتريها جاهزة، و«نحشيها» بالإعلانات، وأهى «سبوبة» سنوية تجيب للتليفزيون خمسين ستين مليون جنيه.. تماماً مثلما تفكر المحطات الخاصة!! ولأن الإعلام يقاس الآن بفساتين الجميلات، ملأ التليفزيون الصحف والشوارع بصورهن الفاتنة.. والفتنة تضاعف فى رمضان إذا تجاوزت النجمة الستين عاماً من العمر.. ورمضان شهر «المضاعفات»، من عمل فيه عملاً أثابه الله عليه أضعافاً مضاعفة، وثواب التليفزيون بالإعلانات، والنصف دقيقة ب23 ألف جنيه والحسابة بتحسب، أما «حسابة» الجزيرة والعربية وما شابه، فلا تؤتى ثماراً طوال العام.. فقط تأثير وتشكيل للعقل، وترسيخ توجهات، وخلق أدوار إقليمية وعالمية لدويلات صغيرة مثل قطر.. غير أن رمضان ينسخ ما قبله وما بعده.. ومشهد واحد ليسرا أو ليلى علوى أو نور الشريف بألف برنامج وثائقى على شاشة «الجزيرة» ومليون تقرير من قلب الحرب فى «العربية»!! «مفيش حاجة حصرى.. كله على التليفزيون المصرى».. شعار رفع هامة مصر إلى عنان السماء.. ولك ولى الفخر بهذا الإنجاز الذى تحقق فى شهر رمضان.. غير أن المشكلة التى واجهت اللجنة العليا للإعداد ل«حرب رمضان المجيدة» أن المسلسلات والبرامج أكثر من قنوات التليفزيون وعدد ساعات اليوم.. ويقال إن اللجنة سهرت الليالى فى محاولة لحل هذه المعضلة الإعلامية النادرة.. وفى ذات ليلة مقمرة قفز أحدهم صارخاً «وجدتها».. فكان الاختراع العظيم الذى سيقلب خريطة الإعلام العالمى: «إحنا نقسم شاشة كل قناة إلى أربع تربع.. فى كل ربع نعرض مسلسل، يعنى كل قناة تذيع 4 مسلسلات فى وقت واحد، والمشاهد يشوفها بالجملة.. هنا ليلى وهنا يسرا وهنا نور وهنا إلهام.. واديها يا باشا.. وابقى قابلنى لو سمعت للجزيرة حس ولا خبر بعد رمضان». ولاقت الفكرة العبقرية إعجاب اللجنة العليا، ولكن لجنة هندسية إعلامية فى التليفزيون تعكف حالياً على إضافة «أوبشن» لهذه الفكرة.. فسيكون بإمكانك وأنت تشاهد شاشة ال«أربع تربع» أن تضغط على زر فى الريموت فتضيف ليلى علوى إلى مشهد فى مسلسل «يسرا»، أو تجمع نور الشريف ويحيى الفخرانى فى «مشهد واحد»، بل وأن تنقل فستان ليلى ليسرا، وحلق إلهام لفيفى عبده.. وهو «أوبشن» صنع فى مصر.. ومن أجل كل مصرى.. وكل رمضان وأنتم «حصرى»!! [email protected]