وجدت نفسى مذهولاً مع دول العالم المتحضر من القنبلة الرياضية التى فجرها منذ أيام أسطورة السباحة الأمريكى فيلبس بتحطيم رقمه الأوليمبى الذى حققه فى دورة الألعاب الأوليمبية بكين 2008، بعد أقل من عام واحد. فقد حقق رقم 49 ثانية و82 جزءاً من الثانية فى 100 متر فراشة، ويكون بذلك أول سباح يكسر الخمسين ثانية منذ بداية البشرية. لم يكتف فيلبس بأنه حصد 8 ميداليات ذهبية فى دورة أوليمبية واحدة ودخوله موسوعة جينيز ريكورد، بل أراد أن يرسل رسالة إلى العالم أن الطموحات حدودها أبعد من السماء. وعندما فاز فيلبس بجميع سباقات السباحة وعددها 8 ميداليات ذهبية اعتقد الجميع أنه لم يترك شيئاً لنفسه أو لغيره لتحقيقه مستقبلاً من طموحات. هذه الأيام يحتفل العالم بتحقيقه رقماً قياسياً جديداً بكسر حاجز الخمسين ثانية. إن ما نراه الآن هو قدرة الله سبحانه وتعالى فى خلقه، لقد وضع الموهبة والقدرات الفذة فى البشر لإثراء البشرية كلها، لأنه رب الكون وترك التفوق لمن يجتهد أكثر، ويتحدى الزمن، ويكتشف نفسه، بصرف النظر عن ديانته أو جنسيته أو لونه حتى تتحقق منظومة الحياة. إن سجل دورات الألعاب الأوليمبية حافل بالتسجيلات الفريدة، ومنها ما هو صعب تكراره مثل بطلة الجمباز نادية كومانشى الرومانية التى سجلت فى التاريخ أنها أصغر من حاز ميدالية أوليمبية ذهبية، بالإضافة إلى أنها رئيسة اللجنة الأوليمبية الرومانية، وتحمل لقب سفيرة بلادها فى العالم، وترعى منظمات عالمية لرعاية الفقراء وأطفال الشوارع، وتصبح رمزاً حقيقياً لبطلة أوليمبية حققت 5 ميداليات ذهبية وثلاثاً فضية وواحدة برونزية، وتصبح أيضاً أول رياضية أو رياضى تتم دعوته للوقوف فى مقر الأممالمتحدة للتحدث رسمياً سنة 1999. كل ما أخشاه أن يستمر الاهتمام الزائد فى مصر بأمور ليس لها علاقة بالرياضة مثل صراعات انتخابات مجالس إدارات الأندية واللجنة الأوليمبية وقضية البث التليفزيونى، لأنها مؤشر خطير على تراجع مفهوم الرياضة، وقد تحول الشعب المصرى إلى الرغبة الشديدة لأن يلهث وراء هذه الأمور، وهى فى الحقيقة أمور إدارية وليست رياضية، لأن الرياضة منافسة وأرقام وتسجيلات وبطولات وأعلام دول، إلا إذا اعتبرنا الأبطال الحقيقيين هم رؤساء وأعضاء مجالس الأندية واللجنة الأوليمبية وعقود اللاعبين وكرة القدم فى ثلاثة أندية، والموضة الجديدة منصب فى الاتحادات الدولية يا فرحتى.. إنها كارثة بكل المقاييس والشاشات تغذى رغبة الشعب حتى دخوله غرفة الإنعاش الرياضى.. صدقونى هذا لا يحدث فى أى بلد فى العالم. أين نحن الآن من أوليمبياد لندن 2012 وأين نحن من أى حلم رياضى يتعلق به الشعب والحياة بدون حلم دمها ثقيل؟.. ويبدو أن الشعب المصرى زهق وفقد الأمل حتى فى الحلم، لأن جميع الأحلام التى تم بثها فى عقولنا منذ شبابنا كانت وهماً مثل حلم القومية العربية والوحدة العربية والتضامن الهيروغليفى وارفع رأسك يا أخى والميثاق الاشتراكى والميثاق الليمفاوى.. ضحكوا علينا ولم يتحقق حلم واحد.. وأسوأ حاجة فى الدنيا أن تنقلب أحلام شعب إلى كوابيس.. طبعاً هتسألونى يا جلال نعمل إيه؟.. عايزين واحد عبقرى يؤلف لنا حلم نلتف حوله جميعاً بعيداً والنبى عن حلم (ابنى بيتك)، ونجتهد بعقولنا التى أنعم الله علينا بها لنتدبر ونفكر ونتعلم، وأن تكون هناك دعوة لكثير منا بالتوقف فوراً عن إلغاء العقل، لأن البديل عنه حاجة تضحك!!