لم يجد فريق ريال مدريد الإسبانى بداً من مداواة كبريائه المطعون بالثلاثية التاريخية، التى حققها الغريم برشلونة خلال الموسم الماضى، سوى بإحداث صدمة فى سوق الانتقالات الصيفية بإنفاق أكثر من 300 مليون دولار على التعاقد مع نجوم جدد على رأسهم البرازيلى كاكا والبرتغالى كرستيانو رونالدو الفائزان بجائزة أفضل لاعب فى العالم العامين الماضيين. وإذا كان ريال مدريد هو النادى الأغنى فى العالم، فإن عودة فلورنتينو بيريز لرئاسته ضاعفت فرص زيادة ثراء الفريق الملكى سواء كروياً أو اقتصادياً أو إعلامياً. فالرجل الذى سبق أن تولى رئاسة ريال مدريد بين عامى 2000 و2006 مبرماً صفقات مدوية مثل التعاقد مع أساطير من طراز زين الدين زيدان، ولويس فيجو، وديفيد بيكهام، قد عاد فى ولايته الثانية للسير على النهج ذاته بضم رونالدو «133 مليون دولار» وكاكا «95 مليوناً» والفرنسى كريم بنزيمة «49 مليوناً»، وأبقى الباب مفتوحاً أمام مزيد من التعاقدات حتى نهاية أغسطس ليستأثر بأنظار العالم الكروى. وبدأت أعراض الهوس الإعلامى بريال مدريد تظهر مع معسكره التدريبى فى أيرلندا، حيث خاض مباراة أمام شامروك روفرز حضرها نحو 10 آلاف مشاهد، وهو ما يعنى ثلاثة أضعاف السعة المقررة للاستاد الذى يضم 3500 مقعد، فى تعبير عن إصابة المدينة الصغيرة بحمى نجوم القميص الأبيض. ولم تكتف الهالة الإعلامية بإحاطة لاعبى ريال مدريد فى الملعب الأيرلندى، بل امتدت للتدريبات التى غطاها مئات المراسلين، وحضرها حشود من المشجعين، وهو ما دفع إدارة الفندق الذى استضاف الوفد المدريدى إلى اتخاذ إجراءات أمنية لحماية اللاعبين، كان من ضمنها تكليف أربعة حراس بمرافقة النجم البرتغالى رونالدو كظله. ولكن الوضع فى أيرلندا قد يكون أقل حدة مما ينتظر أن تشهده كندا والولايات المتحدة حين يهبط ريال مدريد إلى أمريكا الشمالية فى جولة تشمل البلدين خلال الأسبوع الثانى من أغسطس، حيث يواجه فريقى تورنتو ودى سى يونايتد فى لقاءين استعراضيين. وبالفعل بيعت جميع التذاكر المخصصة ل20 ألف متفرج هم سعة ملعب تورنتو الذى اضطرت إدارته لتطوير مدرجات إضافية لملاقاة الطلب الهائل على التذاكر الذى رفع سعر الواحدة منها إلى 125 دولاراً. وفى واشنطن كان الاستعداد لاستضافة الريال بنجومه مدبراً، بحيث تقرر نقل المباراة من ملعب «آر كيه إفى» الخاص ب»دى سى يونايتد» إلى ملعب «فيديكس» الذى يفوقه من حيث سعة المدرجات باستيعابه 91 ألف متفرج مستعدين لدفع أثمان تذاكر تتراوح قيمتها بين 60 و110 دولارات. كان الأغرب أن يمتد الهوس بنجوم الريال الجدد إلى دولة عريقة فى كرة القدم لا تلتفت إلى الأسماء فقط مثل ألمانيا، حيث احتاجت إدارة فريق بروسيا دورتموند إلى 24 ساعة فقط عقب الإعلان عن إقامة لقاء مع العملاق الإسبانى كى تبيع 41 ألف تذكرة لحضور المباراة فى ملعب سيجنال إيدونا بارك حيث نفدت بعدها تذاكره البالغ عددها 80 ألفاً. ومع اندراج كل هذا الاهتمام الإعلامى تحت خانة اقتصادية تعنى تحصيل ما تم إنفاقه فى الصفقات، يدرس ريال مدريد حالياً تغيير مواعيد مبارياته فى الدورى الإسبانى، لتقام فى وقت الظهيرة بدلاً من العاشرة مساء كما جرت العادة فى السنوات الأخيرة، والهدف هو مجاراة فوارق التوقيت لاستقطاب المشاهدين من السوق الآسيوية ومن ثم مضاعفة الرقعة التسويقية للنادى عالمياً. وعلى الرغم من البعد «الاستثمارى» لصفقات ريال مدريد حيث يأمل النادى فى التربح من ورائها فإنها ولدت انتقادات عريضة لرئيسه فلورنتينو بيريز، حيث ضمت جبهة المعارضة رمزاً دينياً ممثلاً فى الفاتيكان كأعلى سلطة كاثوليكية فى العالم. وانتقدت صحيفة «لوسير فاتورى رومانو» لسان حال الفاتيكان اتجاه ريال مدريد للإنفاق فى ظل التراجع الاقتصادى العالمى الذى يدفع بقية الأندية إلى التوفير وترشيد النفقات، وهو المعنى نفسه الذى أشار إليه النجم الفرنسى ميشيل بلاتينى، رئيس الاتحاد الأوروبى لكرة القدم «ويفا»، حين صرح لصحيفة «لسبريسو» الإيطالية بأن الصفقات «الفرعونية» للريال تضاعف من حالة التضخم التى تشهدها اقتصادات كرة القدم وتؤدى إلى تعرض نصف أندية أوروبا لخسائر. إلا أن رد بيريز جاء فى تصريحات لصحيفة «لاراثون» الإسبانية حين دعا إلى التفريق بين «الإنفاق» و»الاستثمار»، مشيراً إلى استفادة ريال مدريد من نهجه، فبجانب التسويق يحصل الفريق على نسبة النصف من الحقوق الإعلامية الخاصة بنجومه الجدد مثل كاكا ورونالدو.