هل تتذكرون سياسة الاحتواء المزدوج التى كانت تنتهجها الولاياتالمتحدةالأمريكية فى الماضى، فى ظل وجود الاتحاد السوفيتى، قبل أن تتحول إلى المواجهة مع من تعتبرهم أعداء لها ويهددون أمنها القومى؟ بالتأكيد كلكم تتذكرون هذا النوع من السياسة، الذى يبدو أنه عاد مرة أخرى من الأضابير الأمريكية مع تولى باراك بن حسين أوباما الذى غازل إيران، ومد لها يده بدلاً من أن يتخذ إجراء ضدها، وتحرك ببطء تجاه إدانة ما يفعله النظام هناك، تجاه من يريدون الحرية والعدل بعد أحداث الانتخابات الرئاسية التى تم تزويرها لصالح مرشح الملالى. والآن، الولاياتالمتحدة تعود مجددا لسياسة الاحتواء المزدوج، وتنهى شهر العسل بينها وبين منظمة مجاهدى خلق - التى تأسست عام 1965 على أيدى مثقفين إيرانيين أكاديميين - بهدف إسقاط نظام الشاه وتعمل حاليا على إسقاط النظام الحالى- تعنى مجاهدى الشعب الإيرانى- لصالح إيران، وتعطى الضوء الأخضر للعراق لضرب عناصر المنظمة الذين يتخذون من مخيم «أشرف» فى الأراضى العراقية معسكرًا لهم وتقتحمه وتصيب العشرات فيه، لأن «الإخوة الإيرانيين حساسين تجاه هذا الموضوع». يبدو أن النفوذ الإيرانى بدأ فى الضغط على الإدارة الأمريكية وإجبارها على فعل ما يريده، رغم أن الاتحاد الأوروبى له رأى آخر فى الموضوع، بدليل أنه رفع اسم المنظمة من قوائم الإرهاب ورفع الحظر المفروض على أرصدتها، وأعطى لها حرية الحركة فى نوفمبر 2008 بعد معركة استمرت سنوات أمام القضاء الأوروبى، حيث ألغت محكمة العدل الأوروبية قرارًا سابقًا من الاتحاد الأوروبى، يقضى بتجميد أموال منظمة مجاهدى خلق بسبب إدراجها على «اللائحة الأوروبية للمنظمات الإرهابية»، حيث اعتبرت المحكمة فى قرارها «أن قرار الاتحاد الأوروبى انتهك حقوق الدفاع لعناصر مجاهدى خلق فى عدم إمدادها بالمعلومات الجديدة التى تبرر إبقاءهم على اللائحة الأوروبية للمنظمات الإرهابية.. وأيضًا فى رفضه إعطاء المحكمة بعض المعلومات المتصلة بالمسألة». وبهذا القرار، حصلت منظمة مجاهدى خلق على ما كانت تطالب به بشأن تأكيدها عدم ضلوعها فى أى نشاطات إرهابية. المهم أن ضرب مجاهدى خلق لصالح النظام الإيرانى بمباركة أمريكية لاحظ أن الاقتحام تم بعد زيارة نورى المالكى رئيس الوزراء العراقى للولايات المتحدة ولقائه الرئيس الأمريكى- سيكون له أثر سيئ على رسم خارطة المنطقة فى المرحلة المقبلة، أقله أن الدول العربية الحليفة للأمريكيين فى المنطقة ستتشكك فى مصداقية ونوايا السياسة الأمريكية تجاهها. المثير فى الموضوع أن هناك تقارير صحفية رأت أن أمريكا قايضت إيران على أن تقوم طهران بتسليمها عددًا من أعضاء القاعدة مقابل إعطاء الضوء الأخضر للقوات العراقية بتصفية وضع مخيم (أشرف)، الذى يقيم فيه أعضاء مجاهدى خلق، وبذلك تكون ضربت عدة عصافير بحجر واحد، أولها أن أمريكا لاتزال تعتبرمنظمة مجاهدى خلق منظمة إرهابية، والثانى دعم الحكومة العراقية بعد الانسحاب الأمنى الأمريكى من العراق وتصفية المعسكر، حتى تهدأ إيران تجاه الحكومة العراقية، خاصة أنها جارته، والثالث تسلم بعض أعضاء القاعدة من إيران لمحاكمتهم، وبذلك تكون الولاياتالمتحدة «جاملت» العراقيين بضرب «بؤرة» كانت عونًا لصدام حسين وقت الحرب العراقية- الإيرانية.. ونظام صدام زال ولابد أن يزول أى شىء من «ريحته» حتى لو كانت مجموعة من البشر عزّل من السلاح، وجاملت الإيرانيين بفقء «دمل» كان يقض مضجع نظام الملالى فى طهران، والأهم أنها حققت مصلحتها التى هى فوق الجميع. المختصر المفيد مَنْ يُوَبِّخْ مُسْتَهْزِئًا يَكْسَبْ لِنَفْسِهِ هَوَانًا، وَمَنْ يُنْذِرْ شِرِّيرًا يَكْسَبْ عَيْبًا. لاَ تُوَبِّخْ مُسْتَهْزِئًا لِئَلاَّ يُبْغِضَكَ. وَبِّخْ حَكِيمًا فَيُحِبَّكَ. [email protected]