يبدو أن التراخى حتى نزول النوازل، ومعالجة المصائب بعد وقوعها بدلاً من توقى وقوعها، هو منهج من المناهج العربية وبخاصة مصر، وإنى لأتعجب مما انتهى إليه حال رجال الدعوة فى مصر، أيكون فى دائرة اهتمامهم فتاوى إرضاع الكبير، والعلاج ببول الإبل، ولا يكون اهتمامهم بحدوث ضرر من عدوى تتم بالتأكيد نتيجة تجمع الأعداد الغفيرة بمكة أثناء أداء العمرة والحج، إن شبهة وقوع العدوى تؤكد شبهة وقوع الحرمة فى أداء العمرة أو الحج، لأن الأصل الفقهى أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فلماذا لا يتم تفعيل ذلك الأصل الفقهى.. كما أن من بين شروط وتفسير قوله تعالى عن الحج «من استطاع إليه سبيلاً» فإن الفقهاء سبق أن بينوا أن شرط الأمن من عناصر استطاعة السبيل، فمن كانت رحلته بها خطر محدق أو محتمل فليس عليه حج، كمن يخشى على قلبه من ركوب الطيران وجهد الرحلة فهو فى حالة خطر محتمل لا تصح معه المخاطرة فحرام عليه الحج. إن عدم حسم رجال الأزهر لموضوع تأجيل السفر لأداء العمرة، وتصور القائمين على الفتيا أن مجرد إحالة الأمر لوزارة الصحة يعتبر إنجازاً منهم لواجبهم، هو قصور فى حق الأمة، إن الناس لن تقنع إلا بفتوى رجال الأزهر الذين لا يريدون حسم الأمر لأسباب غير منطقية، بل وأراها غير سوية، ومهما قال وزير الصحة فلن يقنع الناس بقوله.. وإن الناعقين بضرورة السفر حتى نتأكد من استفحال الوباء ظناً منهم أنهم يدافعون عن الدين هم أحوج ما يكونون لدراسة علوم الدين، وأصول الفقه، فقد كان عليهم معرفة أن النبى أجل حجته من السنة التاسعة إلى العاشرة الهجرية لأنه كان مشغولاً بالتحضير لموقعة تبوك، وأنه حين رمى الحجاج بن يوسف الثقفى الكعبة بالمنجنيق تأجل الحج.. وغير ذلك كثير. آن لوزارة الصحة أن تقول رأيها لكن ذلك لا يغنى عن حسم الفقهاء للأمر بفتيا منجزة، وعيب أن يسبقنا لهذا الحسم بلد صغير مثل تونس، أم ترى الدين الإسلامى فى تونس غيره فى مصر، أو أن صحة الناس هناك غير صحتهم هنا، أم تراها مؤامرة من الحكومة لتصفية جسدية للشعب المصرى الذى لا يريد أن ينظر حوله؟ مستشار: أحمد عبده ماهر محام بالنقض ومحكم دولى