(الرجولة).. كلمة طالما تغنى الشعراء والعامة بها منذ قديم الزمان واقترنت بصفات القوة والشهامة والمروءة والشجاعة والنبل، ولكن فى المقابل هناك من يفهم مصطلح (الرجولة) بطريقة أخرى فهى فى نظرهم تعنى السيطرة والعنف والتسلط وبين هذا وذاك يبقى مفهوم الرجولة مسألة نسبية من عصر لآخر، ومن مجتمع لآخر.. عن مفهومها فى المجتمع المصرى تحدثت رسالة دكتوراه بعنوان «مفهوم الرجولة كما تعكسه تنشئة الأم لأبنائها فى المجتمع المصرى»، ونالت عنها الباحثة داليا عبد الرحيم مصطفى جائزة منظمة المرأة العربية فى مجال المنح البحثية، التى تقدمها المنظمة سنوياً لأفضل موضوعات الماجستير والدكتوراه التى تدور موضوعاتها حول المرأة العربية وقضاياها. وعن أسباب اختيارها للرجولة موضوعاً لرسالتها بدأت معنا الباحثة داليا عبد الرحيم حديثها وقالت: من خلال ملاحظاتى اليومية يستوقفنى العديد من المشاكل التى تواجهها بعض الأسر المصرية، وعند البحث عن جذورها نجد بعضها نابعاً من الرجل، فهناك رجال لا يتحملون المسؤولية ولا يعترفون بأخطائهم وينظرون للمرأة نظرة دونية، باعتبارها مخلوقاً أقل منهم، واكتشفت مع الأسف أن المرأة التى من المفروض أن تعزز مكانة المرأة وتنصف غيرها من النساء نجدها تقهر ابنتها بالتمييز بينها وبين إخوانها الذكور أو تقهر زوجة ابنها بالوقوف فى صفه دائماً حتى وإن كان هو المخطىء بقولها (إنت ماحصلتش) و(إنت تستاهل ست ستها)، وهناك أمهات نتيجة حبهن الشديد لأبنائهن الذكور، ودون قصد منهن تنشئهن على الأنانية وحب الذات والاعتماد الكلى عليها فى معظم شؤون حياته، وبالتالى لن يستطيع اكتشاف ذاته والاستقلال بحياته بعيداً عن الأم. ■ هل توصلت لمفهوم موحد عن الرجولة؟ تعريف الرجولة هو أحد أهداف الرسالة لأنه من الصعب الوصول لتعريف محدد للرجولة، فكل رجل يعتبر حالة خاصة، ويجب أن نعرف أن هناك فرقاً بين الرجولة والذكورة ولهذا أحاول البحث عن تعريف إنسانى. ■ هل يتغير مفهوم الرجولة من جيل لآخر؟ بالطبع، ولكن مع الأسف من خلال ملاحظاتى فإن هذه التغييرات أصبحت سلبية أكثر من قبل، فبالرغم من أن هذا الجيل جيل متمرد بعض الشىء إلا أنه فى نفس الوقت خاضع لقوانين الأسرة، لأن هناك جانباً مادياً يتحكم فيه ويؤثر على قراراته، كما أن الجيل الحالى تقليدى ورجعى أكثر من الجيل الذى سبقه على عكس ما يحاول إظهاره فهناك الكثير من الشباب يتركون مسألة اختيار شريكة حياتهم للأم، وكثير منهم بداخله (سى السيد) جديد يطالب بأن تكون المرأة خاضعة له تماماً. ■ ما دور الأسرة فى إرساء المفهوم الصحيح للرجولة ؟ رغم أننا فى مجتمع ذكورى، الرجل فيه أكثر حظاً من المرأة إلا أن الواقع يقول إن المرأة لها دور كبير فى ترسيخ المفاهيم الخاصة بالرجولة، خاصة فى أبنائها ومع الأسف نجدها تزرع لديهم مفاهيم خاطئة عن الرجولة، وهى التى بيدها تنفيذ القرار، فبرغم أنها محاصرة بكم كبير من الضغوط، خاصة فى فترة الخصوبة وما ترتبط به تلك الفترة من موروثات تتعلق بالشرف أو العنوسة، بعد ذلك تتحول المرأة لمرحلة النضج وفيها تقود دفة التأثير على أبنائها وتعلمهم قيم الرجولة التى عايشتها من خلال أسرتها. وبنفس خطورة دور الأم فإن وجود الأب له دور مهم جداً فى تنشئة أبناء يعون جيداً مفهوم الرجولة الصحيح، ولكن مع الأسف فالأب غالباً إما غائب أو مغيب أو اختار أن يكون مغيب بإرادته، ولذلك يفتقد الأبناء وجود قدوة تعلمهم سلوكيات وأخلاقيات الرجولة، وبالتالى يقع ضغط كبير على الأم التى تتحول إلى أم وأب فى نفس الوقت، فينشأ الطفل معتمداً بشكل كبير على أمه ويكتسب من صفاتها وقد يتطور الأمر للتوحد معها والتشبه بها، مما قد يؤثر بشكل سلبى على شخصيته فى المستقبل وعلى طريقة تعامله مع غيره من الرجال، وقد يصل الأمر لدى البعض إلى الشذوذ. ■ هل يختلف مفهوم الرجولة من مدينة لأخرى داخل المجتمع المصرى؟ بالتأكيد يختلف مفهوم الرجولة من مدينة لأخرى ففى الصعيد نجد القوة والشهامة وأيضاً الفحولة من أهم صفات الرجولة وفى الأرياف، نجد صفات أخرى كالكرم والمروءة أما فى المدن فيفضلون من يتمتع بشخصية قيادية، وبرغم أن معظم المصريين يفضلون المولود الذكر على الأنثى فإنهم يختلفون فى طريقة الاحتفال، وحتى أغانى السبوع تختلف من مدينة لأخرى، لكنها جميعاً تبدى ترحاباً كبيراً بالمولود الذكر.
