الوطن هو القاسم المشترك الذى يربطنا جميعًا ونعيش فى كنفه، فهو مكان الحياة والموت، الذى نستظل بسمائه، ونفترش أرضه، ونجوب مدنه وشوارعه وأحياءه وقراه مرفوعى الرأس. إن انتساب الإنسان إلى وطنه شعور وإحساس داخلى يجعل المرء يتعلق بأرضه، حيث تأصلت جذوره، ويتشبث بتاريخه ومواقف أجداده ولغته وثقافته وتراثه، ويندمج داخل نسيج المجتمع بتلاحم وترابط، مما يحقق له الزهو والاعتزاز فى الانتماء إليه. الوطن لا يقوم ولا ينهض إلا بسواعد أبنائه، ولا يزدهر ويتقدم إلا بتعاونهم الجاد، وتضافر كل الجهود الخيرة، والتمسك به فى السراء والضراء. ومسؤولية بناء الوطن لا تعتمد على شريحة أو جماعة أو فئة معينة، ولا يجوز أن نستثنى أحدًا، فالوطن بحاجة إلى جميع مواطنيه. وعلينا أن نعى جميعًا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا، ونتجاوز الارتباط الشكلى بالوطن عبر البطاقة الشخصية وجواز السفر ونقف لنسأل أنفسنا: ماذا قدمنا لهذا الوطن غير التذمر والشكوى والتباكى والإحباط، وهل نحن مواطنون صالحون هدفهم الرقى ببلادهم ورفع اسمه عاليًا؟ فالوطن للجميع، ومسؤولية خدمة الوطن والحفاظ على مكتسباته وثرواته وقيمه ومبادئه مسؤولية جميع أبنائه ومواطنيه. إن تخلى الإنسان عن مسؤوليته تجاه وطنه يجرف المجتمع إلى هاوية الانزلاق نحو الأفكار السلبية والممارسات السيئة، مما يهدد البناء الأخلاقى والاجتماعى. فعلى سبيل المثال الفساد الصغير تحول من سلوك أخلاقى مُحرم إلى ممارسة عادية وطبيعية، وذلك أوصل المجتمع إلى السكوت والتغافل عن الفساد الكبير. فانعدام النزاهة والقيم الأخلاقية الشريفة تدفع الجميع إلى العبث والفوضى والتسيب بمقدرات البلاد، وتغليب المصالح الشخصية على مصلحة الوطن ليلحق الضرر بالاقتصاد الوطنى. لنكن أصدق وطنية وأشد غيرة على إنقاذ سفينة الوطن من الانحدار والتمزق، ونوفر مناخًا من التعايش الحضارى والتمسك بالمبادئ والقيم المثلى، ونعالج جميع المساوئ والسلبيات لنتمكن لاحقًا من الارتقاء بالمشروع التنموى، وتقديم الحجة القاطعة على أننا شعب قادر على الحياة. حنان محمد فارع