خبير سياحي: مدينة سانت كاترين لها بعد ديني وروحاني    أحمد عمر هاشم مطالبا المسلمين بالتضرع لنصرة فلسطين: القدس قطعة منا وجزء من عقيدتنا    "هانز فليك" يعتمد على ليفاندوفسكي في قيادة هجوم برشلونة أمام أوساسونا    بايدن يعلن تأييده اغتيال حسن نصر الله ويدعو لخفض التصعيد    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    مصدر أمني يكشف حقيقة منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي    "منصورة روبوتوكس" يحصد المركز الثاني في تصفيات مسابقات المشروعات الخضراء والمستدامة    الدعم العيني والنقدي.. "الحوار الوطني" ينشر قاموسًا يهم المواطنين    نتيجة وملخص أهداف مباراة أرسنال ضد ليستر سيتي في الدوري الإنجليزي    "قتلته وسرقت 10 آلاف جنيه وهاتفين".. اعترافات المتهم بقتل ثري عربي في أكتوبر    المرشد الإيراني: دماء نصرالله لن تذهب سدى وضربات المقاومة ستزداد شدة وقوة    الكرملين: التصريحات الغربية حول صراع مسلح محتمل مع روسيا بمثابة "موقف رسمي"    وزير التعليم يشدد على استخدام المعامل غير المستغلة وتخصيص حصة داخلها أسبوعيًا    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الموريتانى تطورات القضايا العربية والأفريقية    المجر تنضم إلى منصة "أصدقاء السلام" بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية    أتلتيكو مدريد ضد الريال.. رابطة الدورى الإسبانى تحذر الجماهير من العنصرية    مشروع حقن التربة الرملية بالطين يفوز بجائزة المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    السكة الحديد تتيح اشتراكات بأسعار رمزية بمختلف الخطوط للطلاب    استقبال الأبطال المصريين بالورود قبل المشاركة فى بطولة قطر كلاسيك للاسكواش.. صور    ذهبية وبرونزية في نهائي الرجال ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 19 عامًا    الضرائب: تحديث موقع المصلحة الإلكترونى لتيسير سُبل التصفح وتقديم خدمة مميزة    مصطفي كامل أمام جهات التحقيق لسماع أقواله في واقعة نصب    الخريف حاضر بقوة على شواطئ الإسكندرية.. أجواء خريفية رائعة مع إقبال ملحوظ رغم بدء العام الدراسى.. وانخفاض تدريجى فى درجات الحرارة الأسبوع المقبل.. وفرص لهطول أمطار خفيفة.. فيديو وصور    رئيس مياه القناة يعلن خطة استقبال فصل الشتاء بالسويس والإسماعيلية وبورسعيد    وكيل صحة الشرقية: حالات النزلة المعوية بقرية العروس سببها "جبن قريش" منزلى    معرض بورتريه عن الفنان فؤاد المهندس في مئويته ب"الصحفيين" (صور)    محافظ المنيا يزور البقيع الثانى ويوجه بسرعة تطوير البهنسا لتصبح وجهة سياحية عالمية    اللواء إبراهيم عثمان: هدف إسرائيل من حرب لبنان صرف الانتباه عن الهزيمة بغزة    عصام السقا ينضم لأبطال مسلسل فهد البطل ويجسد شخصية ريكو والتصوير نوفمبر المقبل    سناء منصور عن علاء ولي الدين في ذكرى ميلاده: كان مدرسة ضحك    اختيار باسم كامل أمينا عاما للتحالف الديمقراطي الاجتماعي    رئيس الطائفة الإنجيلية: الله منحنا الغفران ونحن مدعوون جميعًا أن نكون رحماء تجاه إخوتنا    اليوم العالمى للمسنين.. الإفتاء: الإسلام وضع كبار السن بمكانة خاصة وحث على رعايتهم    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا "فيديو"    رئيس التخطيط بمشروع مشتقات البلازما: اعتماد 8 مراكز لمشتقات البلازما دوليا    وزارة الصحة توجة 4 نصائح هامة يجب اتباعها عند الخدش من حيوان مصاب بالسعار    وكيل صحة البحيرة يشدد بتطبيق معايير الجودة ومكافحة العدوى بالوحدات الصحية    نبيل الحلفاوي بعد إخفاق الأهلي: لابد من شد الفريق وضبط وربط صواميله المفككة    الجريدة الرسمية تنشر قرارًا جديدًا لرئيس الوزراء (التفاصيل)    وزير الرياضة يفتتح عدة مشروعات استثمارية في ههيا وأولاد صقر    الرئيس السيسي يدعو مجلس الشيوخ للانعقاد الأربعاء المقبل    توقعات مواليد برج الميزان.. اعرف حظك وأبشر بانفراجة    عضو بالبرلمان السويدي: لا يوجد ديمقراطية كاملة في العالم أجمع    ضبط 15 ألف قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    محافظ الإسكندرية يتابع مع نائب وزير الصحة معدلات تنفيذ مبادرة ال1000 يوم الذهبية    جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية على رأس اهتمامات مبادرة «ابدأ»    رئيس الوزراء يوجه بضغط البرنامج الزمنى لتنفيذ مشروع "التجلي الأعظم" بسانت كاترين    لاوتارو مارتينيز يقود هجوم إنتر ميلان أمام أودينيزي    «الفريق يحتاج ضبط وربط».. رسالة نارية من نبيل الحلفاوي لإدارة الأهلي بعد خسارة السوبر الأفريقي    رئيس هيئة الدواء يكشف سر طوابير المواطنين أمام صيدليات الإسعاف    علي جمعة: سيدنا النبي هو أسوتنا إلى الله وينبغي على المؤمن أن يقوم تجاهه بثلاثة أشياء    تحرير 1341 مخالفات للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    إصابة 3 أشخاص في حادث على طريق العريش الدولي بالإسماعيلية    فيديو.. مزايا التصالح على المباني المخالفة والمستندات المطلوبة    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديموقراطية    أربعة شهداء في قصف للاحتلال الإسرائيلي على وسط قطاع غزة    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    مودرن سبورت يهنئ الزمالك بفوزه بالسوبر الإفريقي على حساب الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العقل الدينى المستنير
نشر في المصري اليوم يوم 31 - 01 - 2010


الفتنة صناعة أساسها التضليل.
والمجتمع «المضلل» أشد استعداداً للفتنة من غيره. ومناخ «الضلال» هو الأكثر ملاءمة لوقوع المشاحنات بين الأفراد والجماعات.
ويتصور نظام الحكم فى مصر أن حل هذه المشكلة يرتبط بإيجاد خطاب دينى مستنير، وقد دعا الرئيس مبارك - مؤخراً - إلى إعادة النظر فى الخطاب الدينى المطروح على الساحة حالياً، وعاتب كلاً من الأزهر والكنيسة على عدم سعيهما إلى تقديم خطاب مستنير يؤكد على قيم المواطنة، وأن الدين لله والوطن للجميع، وأن المسلمين والمسيحيين شركاء فى هذا الوطن.
وفى تقديرى أن الطفل التائه الذى يجب أن نبحث عنه فى موضوع الفتنة هو «العقل الدينى المستنير». فالخطاب «كلام» والعقل «إنسان».
ورهان الخلاص من الفتنة يرتبط بالعقل المستنير البرىء من الضلال والتضليل، أكثر مما يرتبط بالمعزوفات الكلامية.وقد يكون من المفيد - ما دمنا بصدد الحديث عن إيجاد عقل دينى قادر على مواجهة الفتنة - أن نحاول التوقف أمام معنى ومدلول الفتنة فى القرآن.
وقد لا نحتاج إلى جهد كبير كى نفهم أن معنى الفتنة فى الكتاب الكريم يتحدد فى «التضليل».
فالله تعالى يقول فى سورة التوبة: «لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلّبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون» فالفتنة ببساطة لعبة ترتكز على قلب الحقائق، وعدم الاعتراف بالحق، وتزيين الباطل.
وتمثل هذه الحالة خطراً شديداً على استقرار أى مجتمع، وإذا دخلت الفتنة بلداً فلن تتركه إلا خراباً. وقد حذر القرآن الكريم فى موضعين من سورة البقرة من خطر الفتنة، وذلك فى قوله تعالى «والفتنة أشد من القتل» وفى قوله سبحانه «والفتنة أكبر من القتل».
وداخل أى مجتمع من المجتمعات عادة ما توجد فرق وقوى وأفراد «شغلتهم» الأساسية هى زرع الفتنة بين أفراده، والأداة التى يستخدمونها فى ذلك هى «التضليل».
ومن اللافت للنظر أن القرآن الكريم أكد أن مثيرى الفتن هم فى الأغلب من المنافقين الذين ينشرون الأكاذيب والافتراءات ويقلبون الحق باطلاً، والباطل حقاً.
وقد أكد القرآن هذا المعنى فى قوله تعالى فى سورة التوبة: «لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين».
فهذه الآية تشير إلى المنافقين، ومعنى كلمة «خبال» التى وردت فيها: الفساد والنميمة وإيقاع الاختلاف.
فالمنافقون هم الأصل فى إحداث الفتن، ويتمتع البشر من هذه الفصيلة بقدرة خاصة على التأثير فى الغير، من خلال الكلام الجميل واللطيف والمزخرف.
ويشير القرآن الكريم إلى ذلك فى قوله تعالى: «وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون».
فالمنافقون لديهم القدرة على التأثير اللفظى فى الآخرين، وهم قادرون على شحن بطارية اللغة فى أعلى طاقاتها، ويجيدون استخدام «المفرقعات الكلامية»، لذلك نجد أن الناس تسمع لهم وتغتر بهم وتصدق ما يقولون «وإن يقولوا تسمع لقولهم».
فالمنافقون مؤثرون، ولديهم ملكة «التضليل»، إن صح أن التضليل ملكة. ومن علاماتهم أيضاً أنهم لا يستريحون لمن يكشف نفاقهم، ودائماً ما يعتقدون أنهم المقصودون بأى كلام يقال عن الضلال والتضليل «يحسبون كل صيحة عليهم».
إذن الفتنة تضليل، والتضليل مهمة المنافقين والمفسدين كما يحكى لنا القرآن الكريم، وجانب من هذا التضليل يرتبط بالطريقة التى يقدم بها الخطاب الإسلامى لجمهور الناس.
فالفتنة يمكن أن تقع عند محاولة تأويل النص بطريقة تؤدى إلى الزيغ أو الضلال.
والله تعالى يقول فى سورة آل عمران: «هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب».
وللأسف الشديد فإن جيوش المنافقين والمفسدين أصبحوا جزءاً لا يتجزأ من النظام الحالى الذى يهيئ المناخ لتراجع واختفاء العقل الدينى المستنير.
والرئيس نفسه يشتكى من المؤسسات التى اختار على رأسها عدداً من الأشخاص الذين خذلوه.
فلأول مرة منذ ما يقرب من ثلاثة عقود ينتقد الرئيس الأزهر الشريف والكنيسة معاً ويتهمهما بعدم الاجتهاد فى إيجاد خطاب دينى مستنير.
وأظن أن المشكلة أعمق من ذلك بكثير.
فالمسألة ترتبط بالعقل المستنير فى الدين الذى يفهم كيف يتعامل باستنارة مع أمور الدنيا أيضاً.
ذلك العقل الغائب أو العائش فى «غيبوبة» بسبب الجهود المضنية التى تبذلها القيادات المنافقة والمفسدة!.
وليس أدل على التضليل من إقدام الحكومة على توظيف الدين فى كل صغيرة وكبيرة، طالما كان ذلك يخدم مصالحها، ففى الوقت الذى يدعو فيه الرئيس إلى نشر الوعى بأن الدين هو علاقة بين الإنسان وربه، كما أشار فى خطابه الأخير فى عيد الشرطة، نجد الحكومة المصرية تؤكد على ضرورة استخدام الدين فى التشجيع على تنظيم الأسرة، وأحياناً ما تستخدمه فى تبرير الضرائب التى تفرض على المواطنين، مثل الضريبة العقارية.
ولا يتأخر فضيلة شيخ الأزهر عن التأكيد على أن عدم الذهاب للإدلاء بالصوت فى الانتخابات (لصالح الحزب الوطنى طبعاً!) يعد كتماً للشهادة «ومن يكتمها فإنه آثم قلبه». وهناك دعاة آخرون يصدرون فتاوى بتحريم الإضرابات والمظاهرات لأنها تعد شكلاً من أشكال الخروج على الحاكم!.
ورغم كل هذه الممارسات فإن النظام لا يمل من تكرار عبارة «لا دين فى السياسة.. ولا سياسة فى الدين».
تلك العبارة الشهيرة التى سكها السادات، فى معرض مواجهته لأحداث الفتنة الطائفية التى شهدتها «الزاوية الحمراء» عام 1980.
أليس هذا التناقض فى موقف الحكومة من مسألة توظيف الدين هو التضليل بعينه؟ وهل يوجد مناخ يسمح بالفتنة أنسب من هذا المناخ الذى يغذيه المنافقون بضلالهم، والمفسدون بفسادهم؟ إن المسألة ليست فى إيجاد خطاب دينى مستنير، بل فى إيجاد عقل دينى مستنير.
ويعبر هذا العقل عن حالة لن نصل إليها إلا بالبراءة من فكرة المتاجرة بالدين، والارتكان إلى العقلانية فى النظر إلى الأمور والأحداث، وقطع ألسنة المنافقين الذين يدغدغون مشاعر السلطة أحيانا، ومشاعر الشعب أحياناً، ويصل بهم السفه إلى حد الظن بالقدرة على منافقة الخالق بإيمان شكلى يغطون به على فساد دنياهم.
وسوف يكون هؤلاء أول من يقفز من السفينة عندما توشك على الغرق خوفاً من تداعيات الفتنة، رغم أنهم «فى الفتنة سقطوا»!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.