«باراك حسين أوباما» ليس مجرد رئيس لأمريكا - القوى العظمى - إنه مطلب شعبى لحركات احتجاجية تعلق عليه الأمل فى فرض الديمقراطية! والغريب أن زيارته للقاهرة فتحت – أيضا- ملفات جماعات «الإسلام السياسى»، التى تتوقع أن يكون خطابه بمثابة «قرار عفو» عن أحدث الجماعات «المضطهدة»: (تبدأ القائمة بالشيخ الضرير «عمر عبدالرحمن»، وتمر بجماعة الإخوان «المحظورة»، وتصل إلى دعوة الجماعة الإسلامية بمصر تنظيم القاعدة، إلى استغلال زيارة باراك أوباما إلى مصر، الذى «قد يكون صديق اليوم»)! إنها الجماعات المسؤولة عن نشر التطرف والإرهاب، (وفقا للرؤية الأمريكية)، التى شارك بعضها فى أحداث 11 سبتمبر، لتولد العنصرية الجديدة: (كل مسلم إرهابى إلى أن يثبت العكس)! وبالتالى لم يخرج صوت واحد من بين تلك الجماعات يكفّر «ولد حسين»، أو يتهمه بالرِدَّة (!!). الأديان التى تتصدر المشهد السياسى، من الدولة اليهودية، إلى الأقليات المضطهدة، تراجعت – مؤقتا - ربما تتحقق «المصالحة المستحيلة». لكنها مصالحة من طرف واحد، وضعت الإدارة الأمريكية شروطا مسبقا: (استقطاب العالم الإسلامى، لإحكام السيطرة على العراق، والنجاح فى أفغانستان وباكستان، وتحييد العرب والمسلمين حيال التفاوض مع «إيران»، أو توجيه ضربة عسكرية لها )!. لهذا كان لابد أن يلقى «أوباما» خطابه من «القاهرة». إنها «الحليف الاستراتيجى» فى عملية السلام، وشُرطىّ «الأمن» عند اللزوم، والعاصمة القادرة على تحقيق اللُّحمة الوطنية الفلسطينية، والضغط على الجانب الفلسطينى. «أوباما» يجيش العرب لتقديم أفضل ما لديهم لصفقة سلام مع «الكيان الصهيونى»، ويغازل الفلسطينيين: (وزيرة الخارجية الأمريكية «هيلارى كلينتون» صرحت بأن «أوباما» أوضح لإسرائيل أنه يريد تجميد بناء المستوطنات فى الضفة الغربية من دون «استثناءات بسبب النمو الطبيعى»). إنه –إذن- يحاول إعادة الشعبية الضائعة ل «محمود عباس»، ويسعى لإقناع الشعب الفلسطينى بإتلاف فاعلية صواريخ «حماس».. أملا فى العودة إلى طاولة المفاوضات، لكن «باراك» الذى يترأس مجلس إدارة العالم، لا يملك إجبار العالم على التخلى عن سياسة الكيل بمكيالين، ولن يقدم مكافأة «مجانية» للعرب، الذين رضخوا لاحتلال العراق.. إنه يعمل على تبريد المنطقة الملتهبة حول الكيان الصهيونى، تحقيقا للمصالح الاستراتيجية الأمريكية أولا، وتأمينا للدولة العبرية «المدللة» بتحصيناتها النووية. أما الذين تصوروا أن «أوباما» فارس الديمقراطية، القادم لتأديب الأنظمة المستبدة، وأن على القوى الناشطة فى مجال «حقوق الإنسان»، أن تستقبله بالورود فى فتوحاته الديمقراطية.. فقد خابت توقعاتهم! تماما كما فشل رهان القوى التى رأت فى زيارته للقاهرة دعما لحكام مستبدين، وقررت تنظيم الوقفات الاحتجاجية لإعلان موقفها.. كلتا الجبهتين تعيش حالة رومانسية سياسية، أبعد ما تكون عن لغة المصالح التى تحكم الخريطة السياسية. «باراك أوباما» لن يعلن خطة زمنية لانسحاب قواته من العراق، ولن يتنازل عن تصفية «حزب الله»، وتهديد سوريا. خطابه للعالم الإسلامى ليس مرتبطًا بآليات تنفيذ، ومهما كانت الوعود التى سيقطعها على نفسه، فهى غير ملزمة، إلا للحالمين من العرب.. إنه رئيس دولة احتلت منابع النفط فى «العراق» بزعم نشر الديمقراطية.. دولة قتلت مئات الآلاف من الضحايا الأبرياء ثمنًا ل«ديمقراطية» لم تتحقق.. إنه رئيس دولة ترعى عنصرية «إسرائيل» التى تقوم بتصفية عرقية للشعب الفلسطينى.. «باراك أوباما» سيأتى إلى القاهرة بأجندة خالية من ذكر انتهاك حقوق الإنسان ، ودون أى أوراق ضغط تحمل مطالب «الأقباط»، فتلك الأوراق تدخرها الإدارة الأمريكية، للحظة تتمرد فيها القاهرة على دور «شرطى الحدود».. ساعتها – فقط - يسترد «الكاوبوى» قناع الديمقراطية الزائفة!