من اللافت فى مهرجان «كان» هذا العام أن الفيلم الوحيد الذى عرض باسم دولة عربية ينطق باللغة الكردية، وهو الفيلم العراقى «الهمس مع الريح» إخراج شاهرام العيدى، الذى عرض فى برنامج «أسبوع النقاد» الذى تنظمه نقابة نقاد السينما فى فرنسا أثناء المهرجان، ومن إنتاج وزارة الثقافة فى كردستان العراق ولمخرج من أكراد إيران، ومن اللافت أيضًا أن الأفلام الناطقة باللغة العربية كانت خمسة أفلام: الفيلم الفرنسى «الزمن الباقى» إخراج الفلسطينى إيليا سليمان الذى عرض فى مسابقة الأفلام الطويلة، والفيلم الأمريكى «أمريكا» إخراج الفلسطينية شيرين دعبس الذى عرض فى برنامج «نصف شهر المخرجين» الذى تنظمه نقابة مخرجى السينما فى فرنسا أثناء المهرجان. أما الأفلام الثلاثة الأخرى فكانت من بين خمسة أفلام إسرائيلية، وهو عدد غير مسبوق فى تاريخ مهرجان «كان» (فيلمان قصيران فى مسابقة أفلام الطلبة، وثلاثة أفلام طويلة فى ثلاثة برامج: خارج المسابقة، وفى برنامج «نظرة خاصة» من اختيارات إدارة المهرجان، وفى ختام برنامج المخرجين)، والأفلام الإسرائيلية الناطقة بالعربية - والمقصود أن لغة الفيلم هى العربية وليس وجود حوار بالعربية كما فى الفيلم الفرنسى «رسول» إخراج جاك أوديارد مثلاً - هى الفيلم القصير «دبلوما» (هكذا كتب العنوان بالعربية) إخراج ياعل كيام الذى عرض فى مسابقة أفلام الطلبة، وفاز بالجائزة الثالثة مع فيلم كورى، والفيلمان الطويلان «يافا» إخراج كارين يدايا الذى عرض خارج المسابقة، و«عجمى» إخراج الإسرائيلى يارون شنى والفلسطينى إسكندر قبطى الذى عرض فى ختام برنامج المخرجين، وفاز بشهادة تقدير من لجنة تحكيم جائزة الكاميرا الذهبية لأحسن فيلم طويل أول فى المهرجان والبرنامجين الموازيين للنقاد والمخرجين. يكتب على الشاشة قبل عناوين فيلم «دبلوما» أن المستوطنة اليهودية الوحيدة فى الأراضى الفلسطينية توجد فى مدينة الخليل، وتدور أحداث الفيلم فى زمن عرضه (22 دقيقة) ليلة عيد البوريم اليهودى وفرض قوات الاحتلال الإسرائيلى حظر تجول شاملا فى المدينة، وتعبر المخرجة الشابة الطالبة عن رفضها للاحتلال وللخوف المتبادل بين العرب واليهود واستحالة التعايش فى ظل الأوضاع القائمة، وذلك من خلال صبى فلسطينى يحل محل والده الغائب فى إدارة شؤون أسرته الصغيرة، ويصحب أخته الكبيرة لتحضر حفل حصولها على «الدبلوما» إزاء إصرارها رغم حظر التجول. وطوال ال22 دقيقة يسلك الصبى وأخته طرقًا ملتوية فى الظلام عبر أقبية ودهاليز وأطلال، وكأنهما فى رحلة خارج الواقع، لتجنب دوريات جنود الاحتلال، ولتجنب سكان المستوطنة المسلحين فى الوقت نفسه، وهم طوال الفيلم فى الخلفية يرقصون ويحتفلون بعيدهم، وبعد أن أصبح مكان الحفل على بعد دقيقة واحدة، تعترضهما إحدى الدوريات، ويأمرونهما بالعودة إلى المنزل، وفى طريق العودة يجلس الصبى مع أخته ويتسامران، ويشتركان فى تدخين سيجارة وقد أصبحت العلاقة بينهما أقوى وأعمق مما كانت قبل هذه الرحلة.. إنه عمل فنى جميل يعبر عن رؤية فكرية إنسانية وشجاعة. [email protected]