هذا زمن الحب بنظام (BOT)، وحق الانتفاع فى زمن الخطوبة، بينما والدى لم يرَ وجه أمى إلا بعد أن ماتت، ويومها، اكتشف أنها كانت زميلته فى العمل لمدة ربع قرن، وكانت معه فى نفس المكتب دون أن تخبره خوفاً منه، أما أنا، فقد استبعدتنى حبيبتى بعد فض المظاريف ومراجعة العطاءات لتقارن بين شخص عنده شقة فى «المعمورة» وآخر عنده روماتيزم فى «القلب»، بعدها، رميت الورد وطفيت الشمع وطرت فوق عش المجانين وعِشت فى عنبر الخطرين، وتعلمت منهم أن مصر على الخريطة «مربعة» طولها زى عرضها.. وفى صباى وبسبب التغذية السليمة وتناول الفول فى موعده طلعت لى «الكرافتة» مبكراً عندما التحقت بالكشافة، وعشت فى معسكرات الإيواء.. وقد توفيت والدتى، وبعدها ماتت أمى قبل أن تلدنى بعام بحكم محكمة، وكانت تقول إن عندنا أزمة إسكان ومليون شقة مغلقة لا يفتحها أصحابها إلا للتهوية.. وكانت تطلب من أبى فى يوم إجازته أن يذهب هو لتهويتها، وكان يرفض ويقترح فرض ضرائب عليهم لصالح سكان الإيواء، حفاظاً على السلام الاجتماعى، ثم يقول (إدينى من فضلك أحلى سلام اجتماعى مربع وطبق مكرونة).. وبعد أيام، سوف يتم عرض الميزانية فى «مترو» و«ديانا» وجميع دور العرض، لتنافس أفلام الصيف، وسوف يصفق الجمهور كالعادة وهو يعلم أن ربع الميزانية مخصص لخدمة فوائد الديون، وأن الدعم تم خفضه بمقدار الربع، ولأن الربع بالربع يذكر فمنذ توفيت أمى من ربع قرن وأبى ملتزم بالوصية، يفتح الشبابيك ويهوى الشقق المغلقة صباحاً ثم يقضى السهرة على المقهى مع أصدقائه ومعظمهم خاطب قبل الثورة، والمقاول لم يشطب الشقة بعد.. لذلك طرت فوق عش المجانين وعشت فى عنبر الخطرين.. وكنا نشغل أنفسنا داخل العنبر «بتحضير» مصر، فكنا نحضر قليلاً من الرمل ونضيف إليه بعض الفساد، تطلع لنا مصر تخوفنا، ويتصاعد غاز الهيدروجين لنصدره إلى إسرائيل. [email protected]