لا أصدق إلغاء ندوة الإعلامى الشهير حمدى قنديل فى أحد فنادق مصر الجديدة، والتى دعاه إليها نادى ليونز الفراعنة، للأسباب الواهية المعلنة بأن سوء الأحوال الجوية دفع شركة مصر للطيران لحجز الفندق. عدم التصديق ليس مبعثه أن السبب المعلن كوميدى وساذج ولا لأن الندوة تقام فى قاعة وليس فى غرفة نوم أو جناح فاخر، ولكن لأن ما حدث ليس جديداً مع حمدى قنديل، وغيره.. السبب أن الذى يحكم عقل مصر الآن هو الفكر الأمنى. هذا الفكر العتيق الذى كان يرى فى السجن والاعتقال وسيلة لمنع الأفكار وحماية مشاعر النظام الرقيقة، فتحول هذا الفكر وتطور إلى سجن الأفكار ومطاردتها. حمدى قنديل كان سيتحدث فى حجرة مغلقة مع 50 أو 60 فرداً محددين ومعروفين بالاسم، ليسوا من حركة «كفاية» ولا من شباب 6 أبريل، ولكن مجموعة من البشر يسألون ويسمعون ثم يصفقون ويلتقطون الصور التذكارية، فما الذى يخيف فى ذلك؟.. حمدى قنديل، وغيره من الممنوعين المحاصرين، يقولون ما يشاءون فى فضاءات مصر والعالم، يزداد لديهم الإحساس بالألم والمرارة، ويزيدهم المنع والحصار نجومية وقوة، فما الذى جناه الفكر الأمنى، وما الذى قدمه للنظام سوى مزيد من الغضب واللعنات؟ ما حدث مع حمدى قنديل سبق أن حدث مع المفكر السياسى المحترم الدكتور مصطفى الفقى، لأنه تجرأ وبموضوعية وكتب مقالاً تاريخياً عن الأستاذ محمد حسنين هيكل، فطارده الفكر الأمنى نفسه فى ثوب مدنى ومنعه لمدة عام من الكتابة فى «الأهرام» ولم يعد إلا بإشارة من النظام، بعد أن كسروا «نفْس» قيمة مثل الفقى الكادر الكبير فى الحزب الوطنى، ومثله زميله السياسى المحنك والمفكر الوطنى المعتدل الدكتور حسام بدراوى تعرض للمنع والحصار لأنه اعترض على جوقة النظام، لأنها هاجمت الدكتور محمد البرادعى لمجرد طرح اسمه للانتخابات الرئاسية. مع كل هذا الانفتاح الإعلامى والسياسى، مازال الفكر الذى يحكم مصر ساذجاً ومهيناً، ولا يليق بقيمتها ولا بقيمة أبنائها. تأملوا معى بلجيكا تكرم لاعب الكرة المحترم أحمد حسن وتتوجه سفيراً لملفها وهولندا لكأس العالم وتعلنه من أكثر الشخصيات المرحب بها فى بلجيكا، لأنه لعب موسماً كروياً بإخلاص مع أحد الأندية البلجيكية. وعقل مصر الأمنى يطارد المفكرين والعلماء والإعلاميين ويتمنى ترحيلهم خارج بلادهم من أجل حماية نظام مرتعش لم يعد يتحمل نقد قلم أو صوتاً مختلفاً أو فكراً جديداً. الأنظمة الخائفة، الضعيفة، المترهلة، والعاجزة، هى فقط التى تحتمى بالفكر الأمنى!! [email protected]