أعلن فى قطر عن مشروع إنتاج فيلم جديد عن حياة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، يشرف على كتابته الشيخ يوسف القرضاوى، والمشروع من الإنتاج الكبير بأسلوب هوليوود، وتتم صناعته بواسطة سينمائيين من عاصمة السينما الأمريكية، وإن لم يتحدد بعد اسم مخرج الفيلم، والأرجح أن يكون من هوليوود أيضاً، أو «هوليوودى» من أى مكان. إشراف الشيخ القرضاوى على نص الفيلم المكتوب يضمن دون شك أعلى درجات الدقة العلمية، فهو عالم حقيقى من علماء الدين الإسلامى فى زمن عز فيه العلماء الحقيقيون، وارتفعت أصوات من يتاجرون بالإسلام، ويستغلون إيمان المسلمين بدينهم، وحبهم لرسوله الكريم، بل هناك ما يشبه الإجماع على أن الشيخ القرضاوى هو الأكثر علماً بين كل علماء الإسلام الأحياء، أطال الله عمره لينفع الناس بالمزيد من العلم. ولكن ضمان الدقة العلمية فى هذا المشروع لا يكفى لتحقيق الغرض من إنتاجه، وهو أن يعبر عن صحيح الإسلام فى مواجهة الفكرة التى أصبحت سائدة عنه فى عالمنا المعاصر، وهى أنه دين يحُض على العنف، ويحتقر الحياة الإنسانية بعد جريمة الحادى عشر من سبتمبر 2001، ومشاهد ذبح البشر بالسكاكين مثل الحيوانات، والمفاهيم التى لم يعرفها التاريخ من قبل ل«المقاومة». وهناك ثلاثة أسباب لعدم ضمان أن يحقق المشروع ذلك الغرض النبيل من إنتاجه، أولها أن تغيير الفكرة التى أصبحت سائدة عن الإسلام لا يكون بإنتاج فيلم أو حتى عشرات الأفلام، وإنما بتغيير الأفعال التى أدت إلى شيوع هذه الفكرة فى الواقع، وليس على شاشات السينما، والسبب الثانى أن الأفلام الهوليوودية من الإنتاج الكبير لا تأتى كبيرة كأعمال فكرية إلا فيما ندر مهما كانت موضوعاتها والسبب الثالث درامى بحت، وهو أن ذلك المشروع لا يمكن أن يكون مقنعاً لأى مشاهد وبطله - أى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام - غائب، وكذلك كل صحابته وأغلب معاصريه، فالسينما الروائية، أو التمثيلية هى فن التجسيد، وحتى عندما تم إنتاج فيلم تحريك عن حياة الرسول، وهو فن تجريدى، ظل البطل وصحابته ومعاصروه غائبين. وليس المقصود المطالبة بتجسيد شخصية الرسول أو أى من الشخصيات التى تواضع المسلمون على رفض تجسيدها، وإنما المقصود تأمل تجربة فيلم «الرسالة» الذى أخرجه الراحل مصطفى العقاد عام 1977، والإجابة المتأنية عن السؤال عنوان هذا المقال. [email protected]