أمام صورة كهول التسعينيات الذين يحفلون بسقوط جدار برلين، قفزت صورة الزعيم الراحل ياسر عرفات وهو يعلق على جدار «الفصل العنصرى»، الذى شيده رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق آرئيل شارون، قائلا بصوت متهدج وأيد مرتعشة «زائل لا محالة.. مثلما انهار جدار برلين»، وذلك تعليقاً منه على قرار 2004 الاستشارى لمحكمة العدل الدولية فى لاهاي، والذى قضى بعدم مشروعية جدار شارون. انتهى الحفل بالنشيد الوطنى، وتبادل الساسة الابتسامات والتهانى، وعلى رأسهم السفير الإسرائيلى فى برلين يورام بن زئيف، الذى خصه مقدم الحفل بترحيب خاص عن سائر السفراء المشاركين وأثناء التصفيق ذرف بعضهم الدموع. ومن فرط حساسية اللحظة، قفزت للمنصة بحماسة، فكان مستشار الوحدة هو أسهل من وصلت إليه على كرسيه الكهربائى المتحرك، فاقتربت منه، مستهلة حديثى بتنهئته، فرد بابتسامة لطيفة، سرعان ما تبدلت ما لبثت أسأله عن الجدار «العازل»، فاعتذر عن عدم الإجابة، قائلا بصوت متقطع «إننى هنا للاحتفال ولا أرغب فى الخوض فى أمور سياسية كى لا أفسد فرحتى». جورباتشوف بادر بمد يده بينما كنت أحييه تمهيداً لسؤالى، فالتفت إلى مترجمته متسائلاً باهتمام فقدمتنى له، ولكن ما إن طرحت سؤالى، حتى ترك يدى فجأة، وشكرنى باقتضاب مغادراً، فلم تجد مترجمته سوى عدم فهمه للإنجليزية حجة لتبرير تغيره المفاجئ. بوش الأب، بقدر ما كان ودوداً للغاية أيضا بادئ الأمر، بقدر ما كان حاسماً وهو يرفض التعليق على السؤال، مؤكدا بابتسامة لم تفارقه «أنا هنا فقط كى أهنئ الألمان على احتفالاتهم، ولن أتحدث فى السياسة». أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فكان رد فعلها الأكثر غرابة، بإشاحة وجهها بضيق ظاهر، وتعمدها الانشغال بمن كانوا حولها من المتحدثين والمهنئين، الذين كان يتبادلون عبارات التهانئ الدبلوماسية، رافعين كؤوس نبيذهم فى نخب «إعادة التوحيد».