كاريكاتير الصفحة الأولى فى صحيفة أخبار اليوم السبت الماضى كان إشارة لأهم القضايا التى كانت مطروحة على مؤتمر الحزب الذى ختم أعماله منذ أيام.. وقد كانت هذه الصحيفة هى أول صحيفة قومية تنتقد حالة التدنى التى وصلت إليها معيشة الفلاح المصرى.. وذكاؤها جعلها تقرأ فكرة الرئيس مبارك وخطته فى إطلاق العصر الذهبى للفلاح.. وإذا كانت قضية الفلاح المصرى على رأس الأولويات فى أجندة الرئيس.. فالفضل هنا إلى «جمال مبارك» بوصفه الأمين العام المساعد للحزب والذى خرج من جولاته فى قرى مصر بتقرير مؤلم بعد أن اكتشف بنفسه انهيار مستوى الخدمات التى يعيشها هذا الفلاح.. واختفاء معظم الزراعات والفقر المدقع الذى يخيم على ريف مصر.. وكان عليه أن يدق الأجراس ويضع تقريره أمام الرئيس وهو ينبه بالخطر الذى يهدد مستقبل الزراعة فى مصر. ولذلك من يتفحص كاريكاتير «أخبار اليوم» يفهم منه أن فكرة ممتاز القط رئيس تحريرها التى كتبها فى كبسولة سياسية هى تعبير عن حال الفلاح المصرى الذى وقف يقول للسيد صفوت الشريف والسيد جمال مبارك: «والله كتر خيركم إنكم هتناقشوا مشاكل المزارعين.. بس الحمد لله معنداش أى مشاكل.. أصل إحنابطلنا نزرع».. كلمات الكبسولة لم تكن خافية على قطبى الحزب.. فهما يعايشان الفلاح قضيته ومشاكله.. من هنا جاءت ترجمة رئيس التحرير لما يدور فى خلدهما فى صورة حية لكاريكاتير صادق إشارة لما يحمله مبارك من مفاجآت فى مؤتمر الحزب.. صحيح أن «أخبار اليوم» كانت قد خرجت علينا بأول عدد تذكارى فى تاريخ الصحافة المصرية يضم 6 ملاحق فى 128 صفحة بالألوان.. يحمل طابعاً خاصاً فى المضمون والطباعة.. بعد أن نقلتنا من البنط الذى كان يستخدم أيام أزمة ورق الصحف.. إلى بنط تقرأه كل العيون.. وكأنها بهذا العدد المتميز كانت تعبر عن تلاحم المواطنين مع قيادات الحزب الوطنى.. وهى تشارك الحزب فى شعار «من أجلك أنت». هنا يحضرنى سؤال لماذا أصبحت قضية الفلاح المصرى هى الشغل الشاغل لأمين عام الحزب المساعد جمال مبارك.. هل لأن المقربين منه نصحوه بأن تكون قاعدته الانتخابية القرية المصرية وأن اهتمامه بالفلاح والأرض الزراعية هو الطريق إلى تصعيده إلى كرسى الرئاسة؟ إذا كان جمال مبارك يفكر بهذا الفكر فهذا لا يعيبه لأن الإصلاح الزراعى عائده للبلد وليس له.. وأى إصلاح أو انتعاشة فى حياة الفلاح لا يعتبر رشوة انتخابية لأن الفلاح هو أخويا وأبويا.. وأن يمد «جمال» يده إلى صغار الفلاحين فهذا المد ليس منحة ولكنه حق على مسؤول حزبى المفترض فيه أن يكون واقعياً وليس خيالياً.. فكم من مسؤولين رأيناهم وهم يتجملون فى تصريحاتهم.. حتى وزراء الزراعة أول المنافقين.. وكانت وعودهم للفلاحين أكاذيب.. إلى أن انفتحت طاقة نور لهؤلاء الفلاحين بزيارات ابن الرئيس لهم.. وقد جاءت هذه الزيارات بعد أن دخل فى حوارات ومناقشات مع بعض المنظمات التى تسكن المدينة.. ولم يعد لهم حوار إلا عن التوريث.. وإذا كان «جمال» يطل على «كرسى» الرئاسة فهو حلم لأى شاب مصرى يرى فى نفسه الكفاءة على استكمال المسيرة التى بدأها والده.. صحيح أنه حتى هذه الساعة لم يعلن ولم يفصح.. لكن الاتجاه أصبح لا يحمل الشك فى ترشحه.. وربما لأنه يرى نفسه الأحق باستكمال إنجازات أبيه لكى تصبح بصمة مبارك على صدر مصر والمصريين من هنا أصبح من حق الابن أن يناضل كأى شاب مصرى وهو يعرف جيداً أن «الكرسى» ليس للمنجهة أو الأبهة.. وأنه سيدفع الضريبة كما دفعها «والده».. حياة أى رئيس ليست ملكاً له.. فأنا وأنت أسعد من الرئيس حظاً.. يكفى أن نأكل ونخرج ونتقابل ونتزاور بحرية.. بدون قيود أو حراسات أمنية، فالرئيس حياته حراسة فى حراسة.. وتخيلوا شاباً فى هذه السن يقضى عمره تحت الحراسات.. ومع ذلك يريد أن يكون امتداداً لوالده ليحافظ على تاريخه.. وليس حباً فى مقعده.. ومن هنا نصحه المقربون منه، أن يترك المدينة.. وأن يرتمى فى حضن القرية المصرية، فأهلها يتمتعون بالأصالة، وأصواتهم مضمونة.. فهم يعطونها لمن يسبقهم فى العطاء حتى ولو بالكلمة الطيبة. «جمال مبارك» بذكاء شاب يتمتع بالشفافية أحس بنبض القرية المصرية.. بأهلها الطيبين.. ولذلك كان حاضراً جميع مناقشات قضايا الأمن الغذائى والتنمية الزراعية.. بعد أن أطلق الرئيس مبارك بوصفه «الرئيس العام للحزب الوطنى».. العصر الذهبى للفلاح وطالب الوزراء وقيادات الحزب بسرعة مساندة المزارعين وحل مشاكلهم وتخفيف المعاناة عنهم.. وكانت تعليمات الرئيس رسالة قوية وعنيفة للحكومة وكأنه يقول لها.. إن قضية الفلاح هى قضيتى وقضية كل مواطن. ومن يتابع مناقشات الابن «جمال مبارك» فى جلسات التنمية الزراعية يعرف أنه كان يناقش مشاكل كل الفلاحين بنبض الفلاح الضعيف.. ماذا يريد من الحكومة.. وما على الحكومة أن تفعله.. «جمال» طالب بدعم الحزب للفلاح الصغير ومساندته والإعلان عن أسعار الحاصلات الزراعية قبل زراعتها.. الشىء الذى اكتسبه الفلاح من مساندة «جمال» له.. هو أنه أعلن عدم السماح بخسارة الفلاح فى محاصيله الزراعية وحمايته من تقلبات الأسواق.. هذه المكاسب ستساهم فى التنمية الزراعية وزيادة المحصول وارتفاع رصيد «جمال مبارك» عند الفلاحين. معنى هذا الكلام أن الاهتمام بقضية الفلاح المصرى هو بداية الطريق إلى كرسى «الرئاسة»، هذا الكلام يفهمه ساسة الحزب ولا يعرفه رجل الشارع فى مصر.. المهم أن تنتعش القرية فى مصر، حتى ولو كان الثمن أن يصعد «جمال» إلى كرسى الرئاسة والأهم أن يكون بدون بطانة من رجال الأعمال. [email protected]