انتقد خبراء قانونيون وسياسيون قرار بريطانيا سحب مذكرة الاعتقال التى أصدرتها محكمة وستمنستر بحق تسيبى ليفنى، وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، بعد اتهامها بارتكاب جرائم حرب خلال العدوان الإسرائيلى الأخير على قطاع غزة. واعتبر الخبراء أن التذرع بعدم وجود ليفنى فى لندن لإلغاء مذكرة الاعتقال يعبر عن «عدم الجدية» من جانب القضاء البريطانى، مؤكدين أن المذكرة يجب أن تكون سارية متى دخلت ليفنى الأراضى البريطانية وليست «وقتية». واعتبر الدكتور عماد جاد، الخبير فى الشؤون الفلسطينية -الإسرائيلية، أن استصدار أمر اعتقال ضد وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبى ليفنى فى بريطانيا يصعب البناء عليه فى الدول العربية، لأن تلك الآليات خاصة بدول بعينها يسمح لها قانونها الخاص باعتقال ومحاكمة قيادات عالمية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، مثل بلجيكا وإسبانيا وبريطانيا، وأوضح أنه حتى تلك البلاد يحدث فيها تلاعب بقرارات كهذه، مثلما حدث مع إيهود باراك من قبل. وأشار جاد إلى أن من حق المواطنين العاديين رفع قضايا ضد القادة الإسرائيليين ومن حق المنظمات الحقوقية المطالبة بمحاكمتهم جنائياً، إلا أن الأمر سيقف بهم فى النهاية عند ذلك الحد لأنهم لا يملكون القدرة على تحريك الأمر أكثر من ذلك، وعلق جاد على سحب بريطانيا أمر الاعتقال ضد ليفنى لعدم تواجدها فى لندن بأن أمر الاعتقال لا يجب أن يكون وقتياً ومن المفترض أن يكون سارياً متى دخلت ليفنى إلى البلاد. واتفق مع ذلك الرأى الدكتور عاطف البنا، أستاذ القانون الدستورى، موضحاً أن الألاعيب الإسرائيلية وعدم التزام الدول الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية تحول دون اتخاذ إجراء حقيقى ضد مجرمى الحرب، وقال: «باب القضايا مفتوح لمن يريد رفع قضية لكنهم وحدهم أصحاب القرار»، وعن سحب قرار الاعتقال، تساءل البنا: «إن كانوا يهتمون بالشأن الإنسانى فعلاً فلماذا لم يتركوا القرار لحين عودتها واعتقالها؟». من جانبه، اعتبر الدكتور عمرو الشوبكى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن قرار الاعتقال فتح طريقاً جديداً أمام العلاقة بين العرب وإسرائيل بخلاف الطرق المعتاد عليها من «شجب وتنديد أو صراخ وعويل»، مؤكداً أن على المؤسسات الحقوقية فى المنطقة العربية، أن تبنى على ذلك القرار موقفاً ضاغطاً يساعدها على محاسبة مجرمى الحرب. وأشار الشوبكى إلى أن ذلك القرار سيثير رد فعل قوياً داخل إسرائيل، لن يواجهه سوى حضور مؤيد للحق العربى والقيم الإنسانية، يمنع تفريغ تلك القرارات من مضمونها. أما الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية، فاعتبر أن القرار يشجع على استخدام وتوظيف الإمكانيات العربية لمواجهة العجرفة الإسرائيلية.