أصابت رصاصات الغدر والخسة قلب مصر كلها ونزفت قلوب كل المصريين، فلا يقبل بشر على وجه الأرض، أن يحتضن شباب أفراحهم بالعيد وعقب خروجهم من دار العبادة، تتبعثر الأفراح وتختلط الدماء بالدموع وتكتب شهادة لنا جميعاً بأن هناك خطراً حقيقياً يهددنا. كنا وسنظل جسداً واحداً، فعندما كنا أطفالاً- هناك فى قلب الصعيد- تقاسمنا أحلامنا ولهونا معاً، لا فرق بين جرجس ومحمود، ترك لنا الآباء والأجداد حقيقة عشناها بأننا نفرح سوياً، وإذا ألم بنا مصاب تختلط دموعنا. يوما الفطر والأضحى يستقبل بيتنا وبيوت كل العائلة، شحاتة وجوارجى وعادل ونصحى وبنيامين، وفى أعياد الميلاد والغطاس والقيامة، نسارع إلى إخواننا فى الكنيسة أو منازلهم- فور انتهائهم من الصلاة- وقبل أجيال عديدة مضت، كتب جدى «محمد حسانين» فى وصية- تم تنفيذها- مساحة من الأرض لرفيق حياته «كبير آل نخيل». واليوم، تندفع طفلتى «ابتسام»- كلما شاهدت الباب مفتوحاً- إلى شقة صديقتها «سارة»- التى لها نفس السلوك وكلاهما دون الثالثة. هكذا كل مصر وليس عائلتى فقط، فمن زرع النبت الشيطانى ورعاه حتى صار خطراً ينغص حياتنا ويدمى قلوبنا بين الحين والآخر؟ أين جراحو الأمة البارعون ليستأصلوا هذا الورم الخبيث ويعالجوا شبابنا من مضاعفاته؟ لماذا لا نترك النظام وسياساته- التى أصابتنا بوكسة- فى كل شىء وتتحرك مصر الموجوعة، المتألمة وتدافع عن جسدها قبل أن يتمكن منه مرض الفتنة اللعين. لقد شاخ النظام وترهل وألقى بكل القضايا إلى الأمن واكتفى بإطلاق بيانات الإدانة والاستنكار، لكن مصر الحقيقية، مصر التى منها فتحى سعد- الذى يصمم على التبرع بجزء من جسده لمصابى جريمة الغدر والندالة- لن تصمت ولن تقف فى موقع المتفرج، لن تقبل ولن تسمح لأصابع ملوثة بدماء أبنائها، ستبترها على الفور. مصر وإن كانت أصيبت بجرح ودمى جسدها وتألمت فإن أحمد وعيسى ساهران على تمريض وتنظيف جرحها وستبقى- كما كانت- شابة فتية، قوية، عفية، رغم أنف كل الحاقدين. [email protected]