تحدث فى مصر أشياء، وتُتخذ قرارات يصعب على جهابزة التحليل السياسى والاقتصادى، وحتى النفسى فهمها، بل ربما يتعذر على أى مصرى بالغ عاقل أن يعرف، لماذا يحدث؟ وماذا سيجرى فى الدنيا لو أنها لم تحدث؟ وما الحكمة من حدوثها أو عدم حدوثها؟ وزارات تدمج فى وزارات، ووزارات تفصل عن وزارات، أما لماذا دمجت؟ ولماذا فصلت بعد ذلك؟ الله أعلم، محافظات تولد بين عشية وضحاها، بدون مبان، بدون أجهزة، بدون موظفين، بدون ميزانية، بدون حدود جغرافية بعينها، بدون أى حاجة، ليست هناك مشكلة، المهم أنها ولدت، أما لماذا ولدت؟ وكيف ستستمر؟ الله أعلم، تعود السنة السادسة إلى المرحلة الابتدائية، ثم تحذف، ثم تعود، أما لماذا عادت؟ ثم حذفت ثم عادت بالسلامة، فالله أعلم. تدرس الحكومة حاليا، استيراد الغاز الطبيعى لتلبية احتياجات السوق المحلية، وفى نفس الوقت تصدره إلى إسرائيل برخص التراب، فلماذا تصدره طالما نحتاجه؟ وهل هناك حكمة من تصديره رخيصا، وإعادة استيراده بأغلى الأسعار؟ الله أعلم، دوشتنا الحكومة بمشروع توشكى، وجمال مشروع توشكى، وأهمية مشروع توشكى للتنمية المصرية، وغنى المطربون لصاحب المشروع، وأنشد الشعراء، وكتب الطلاب موضوعات الإنشاء، وأنفق على المشروع ما شاء الله حتى هذه اللحظة 93٪ من الميزانية المقررة له، والنتيجة، تحقق 4٪ فقط من المستهدف، فمتى يؤتى المشروع ثماره، بعد أن تنفق عليه ميزانية مصر؟ وهل هذا هو مقياس النجاح عند عباقرة رجال الحزب الوطنى؟ الله أعلم، أضاع وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان على المصريين حسب التحقيقات الأولية حوالى 11 مليار جنيه مصرى، وكان العالم الكبير الدكتور أحمد زويل، يحلم بخمسة مليارات جنيه فقط لبناء صرح علمى محترم يليق بسمعة مصر، وأمام المنطق الذى لا نفهمه، والمعجزات التى تنزل فى غير أوانها، يوشح الوزير السابق بأعلى النياشين، ويوضع على رأس أهم شركات البترول ويتقاضى ما يزيد على مليون ونصف جنيه شهريا، بينما لايزال الدكتور زويل بعيداً، يبحث لنفسه عن موطئ قدم يعينه على الدفاع عن حلمه الوطنى المشروع، أما على أى أساس سمح للوزير السابق والمليونير الحالى بإضاعة كل هذه المليارات؟ ولم يسمح للعالم الكبير الدكتور زويل باستثمار نصفها فيما ينفع الناس؟ طبعاً من المؤكد أن هناك سبباً، أما ما هو هذا السبب؟ الله أعلم، تفرض الضريبة العقارية بحجة أنها ستؤخذ من الغنى، لتعطى للفقير، بينما تترك الضريبة الموحدة التى تحاسب الغنى مثل الفقير، وربما يتهرب منها الغنى، ويجبر على دفعها الفقير، أما لماذا الإصرار على الضريبة العقارية وغض الطرف عن الضريبة الموحدة؟ الله أعلم، تمنح الدولة المعاقين حركياً حق التمتع بإعفاء سيارة من الجمارك، بينما تمنع المعاقين بصرياً من نفس هذا الحق، رغم أن هم الإعاقة ومرارها واحد، أما لماذا منحت المعاقين حركيا؟ ومنعت عن المعاقين بصريا؟ فالله علم، يسب وزير المالية الدين للى جابوا المخالفين فى عزبة الهجانة ولا يعتذر، ولا يحاول أن يبرر سبب عدم اعتذاره، أما من أين أتته كل هذه الجرأة فى سب الناس وقذفهم؟ ولماذا لم يجبر على تقديم استقالته، أو إقالته؟ الله أعلم، قبيل مؤتمر الحزب الوطنى الأخير، وأثناءه وبعده وعلى خلفية استقالة وزير النقل، بسبب حادثة قطار العياط، توقع الكثيرون حدوث تعديلات وزارية حقيقية، وزاد من ترسيخ التوقع، بقاء منصب وزير النقل خاليا مدة ثلاثة أشهر، وهو وقت طويل، خيل للبعض أن هناك دراسة متأنية لاستبعاد الميؤوس منهم من حكومة الدكتور نظيف، وخمن المحللون وتسربت أنباء للإعلام، عن إجراء تعديلات فى وزارات سيادية وعزل محافظين، وزادت الشائعات حتى وصلت إلى حد إقالة حكومة الدكتور نظيف بالكامل، ومع بداية العام الجديد، تنفجر قنبلة التغيير فى صورة تلطيع أو ترقيع وزارى، فعين رئيس هيئة البريد وزيراً للمواصلات، وعين رئيس جامعة عين شمس وزيرا للتربية والتعليم، بالإضافة لتعيين 5 محافظين جدد، فهل هناك جدوى من تغيير وزيرين فقط من ثلاثين وزيراً؟ وعلى أى أساس تم اختيارهما؟ الله أعلم، إنها متاهة القرارات غير المدروسة، والمواقف غير المفهومة، إنها الظروف الاستثنائية التى تعيشها مصر، وتفرض على المصريين، وتقودهم بخطوات ثابتة للوراء، إنها الغموض الذى يخفى وراءه سطحية النظام ومحدودية خبرة المسؤولين، إنها المأساة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فإلى متى سيظل المصريون يعيشونها؟ الله أعلم. [email protected]