أتذكر الآن وبعد مرور أكثر من عشرين عاماً صديقتى داليا، زميلة الدراسة الثانوية، كنا نجلس على «تختة» واحدة ونتزاور فى الإجازات والمناسبات، كنت أعشق والدتها طنط فيفيان أكثر من والدها المتعالى علينا، كلما ذهبت إليهم لم يكن ينطق إلا بعبارة واحدة: عاملين إيه فى المدرسة؟ كان يقولها والسيجار فى فمه، أما طنط فيفيان فهى ترحب وتتحاور وتضحك وتسأل باهتمام عن أمورنا الشخصية والدراسية، كانت تحب أصدقاء ابنتها وكنا جميعاً مسلمات، لم يكن بيننا صديقة مسيحية واحدة. كانت طنط فيفيان تسمِّع ل«داليا» سور القرآن والأحاديث النبوية المقررة فى المنهج، وقد ذكرت لى داليا مرة أنها لم تكتشف أن أمها مسيحية إلا بعد سنوات من طفولتها، كان لداليا خالة واحدة تأتى لزيارتهم وعمات كثيرات وكنت التقى بطرفى العائلة مرات فى المناسبات، لم أكن أشعر حينذاك بالجفاء بينهما بالعكس كنت أحس بأنهما عائلة واحدة فطنط «شيرى» خالة داليا كانت سيدة جميلة وأنيقة تعمل فى مجال الأزياء، وكان الجميع يحاول أن يعرف منها أسرار الأناقة وآخر خطوط الموضة الباريسية منها، كنا نسألها بشغف وترد باهتمام. صحيح أننا كنا ندرس فى مدرسة فرنسية ولكن ذلك لم يكن له علاقة بما نشعر به، كنا بالفعل نحب طنط فيفيان أكثر من أونكل أحمد ومازلنا رغم ما يروجه البعض الآن.