هناك العديد من الأسباب التى تساعد على انتشار الحشيش، منها وجود أماكن يحظى فيها «المتعاطى» بحرية وأمان بالغين، حتى إن هذه المناطق أصبحت «مقار» رسمية لتعاطى الحشيش وغيره من المواد المخدرة والمهدئة. ومن بين المناطق التى تشتهر بتعاطى المخدرات بها شارعا العريش وبن عمر بمنطقة الهرم ومناطق كثيرة فى الطالبية، بينما تشتهر المناطق القريبة من «الأوتوستراد» فى حلوان بتعاطى المخدرات، ويكثر المتعاطون فى آخر منطقة اللاسلكى بالمعادى، وهضبة المقطم وبعض المناطق المحيطة بحديقة الميريلاند فى مصر الجديدة، وبعض مناطق فى السيدة زينب. ومن بين المناطق السابقة، تبرز «المقطم» كأهم واحدة وأكثرها ازدحاما على الإطلاق، فهناك تتجمع عشرات – إن لم تكن مئات - السيارات التى تكتظ بالشباب الذين يصعدون إلى الهضبة ويظلون بها لأوقات طويلة بقصد التعاطى، وغالبا لا يقتصر الأمر على المخدرات، وإنما يمتد إلى شرب الخمور والبيرة .. وأشياء أخرى. وعلى الرغم من شهرة المكان بتعاطى المخدرات فإن رواد المقطم يتعاطون المخدرات بحرية تامة، كما لو كانوا لا يخشون الشرطة أو حتى سكان المنطقة المتواجدين بها، ويكون من المعتاد للغاية أن تمر بجوار مجموعة من المتعاطين دون أن ينتبهوا أو يلتفتوا حتى لمرورك، حتى إن بعضهم يمر على البعض الآخر ليسأل عما إذا كان بينهم «ديلر» لكى يبيع لهم الحشيش. واللافت أن انتشار الحشيش بهذا الشكل جعل سعره ثابتا إلى حد كبير، نظرا لاستقرار العرض والطلب، حيث إن الحشيش متوافر بكثرة، ومتعاطيه موجودون باستمرار مما جعل هناك منافسة فى سوق شبه متكاملة للحشيش، الذى لا يرفع سعره سوى تجريمه قانونا، الأمر الذى يرفع «سعره العادل» وفقا لقانون العرض والطلب. ويقول أحد المتعاطين: «إن أماكن التعاطى الآمنة موجودة فى كل حى من أحياء مصر، إلا أن وجود المتعاطين مع بعضهم البعض فى مكان واحد يمنحهم شعورا أكبر بالأمان، ويسمح لهم بتعاطى الحشيش -أو غيره- ببعض الطرق التى تستغرق وقتا فى الإعداد لها دون خوف من الحكومة». ومن حيث الإقبال، يأتى الحشيش المغربى فى المقدمة لثقة غالبية المتعاطين فيه، بينما يأتى «الأفغانى» فى المركز الثانى، ثم «اللبنانى»، ولا يمكن التأكد بالطبع إذا ما كان الحشيش منقولاً من تلك الدول بالفعل أم لا، ولكن التجار والمتعاطين يرردون ذلك. ويجب ألا يتم إغفال دور «المرشد» فى عالم المخدرات فى مصر بشكل عام.. فوجود المرشد هو طريقة قديمة معروفة مصرياً وعالمياً فى مكافحة المخدرات يجعل المرشد الذى هو بالضرورة من داخل عالم المخدرات أكثر قدرة على التحرك فى هذا العالم، لكنه من ناحية أخرى يخفى دوره فى تجارة المخدرات مما يسمح له بالتحرك بشكل أكثر حرية، فهو إن أبلغ عن زملائه الجدد فى المهنة إلا أنه هو نفسه يبقى بعيداً عن الإبلاغ عنه، مطلق اليد فى الاتجار.