«م.ع» طبيبة فى الثلاثينيات من عمرها، لا يبدو عليها أى اهتمام بمظهرها الخارجى. ملابسها دوما محايدة، لا تضع مساحيق التجميل، حجابها يخفى وراءه قصة شعر رجالى، يظن البعض أنها «مسترجلة».. إلا أن الحقيقة تبدو أصعب من ذلك بكثير. هى تعانى حالة فصام شديد بين عقلها وجسدها منذ سنواتها الأولى، ولم يفطن أى من الوالدين إليها، ولم يلفت انتباههما تفضيل ابنتهما اللعب مع الأولاد، وإصرارها المستميت على أن تتبول وهى واقفة مثل الأولاد. ربما كانت تشعر وقتها أنه سيأتى اليوم الذى تصبح فيه رجلا، إلا أن آلام الدورة الشهرية واستدارة جسمها جاءت لتؤكد لها أنها ستعيش باقى حياتها كأنثى، ورغم هذه التطورات الجسدية، فإن المخ سلك اتجاهاً آخر، حيث أصبحت تميل إلى الإناث، ولكنها ليست- كما تؤكد- ميولاً مثلية. مرت بكثير من قصص الحب كان أبطالها من النساء، وكان حبا متبادلا، حيث كان الطرف الآخر يشعر بأنها رجل قبل أن تصرح لهم بذلك. «عمرى ما حسيت إن الراجل أفضل من البنت.. بالعكس، كان أهلى يفضلوننى على أخى لأنى البنت الكبرى». هكذا قالت لتنفى أن تكون طريقة معاملة الوالدين هى السبب فى الرغبة فى تحولها إلى الجنس الآخر. لم تفقد الأمل يوما فى الظهور بصورتها الحقيقية كرجل، وإن ظلت تشعر بتقزز شديد من أعضائها التناسلية، ورغبة ملحة فى التخلص منها. «نفسى أجيب سكينة وأقطعها». مصارحة الأهل بالصراع الذى يدور بداخلها والرغبة فى إجراء جراحة لتصحيح الجنس كانت من أصعب الفترات على الإطلاق، حيث صدمت برد فعل الأهل، الذى لم يحمل أى قدر من التفهم أو التعاطف، ولم يهتموا كثيرا بالألم الذى تشعر به وكل ما اهتموا به هو رد فعل المجتمع وكيف سيتأثر «برستيج» العائلة بذلك الحدث. «شعرت بالتجاهل الشديد من جانبهم وهو شعور أفظع من الإهانة». قالت ذلك لتوضح أنهم طالبوها بأن تكمل حياتها كأنثى كما عاشت طوال السنوات السابقة، مع رفضهم القاطع لأى تدخل جراحى. وترفض «م.ع» قرار نقابة الأطباء الذى يحظر إجراء عمليات تصحيح الجنس إلا بعد الرجوع إليها، وترى أن هذا القرار يفتح باب الفتنة. وتقول: «أنا رجل أعيش داخل مجتمع نسائى، تخيلوا حجم الفتن والمفاسد التى يمكن أن تنتشر، خاصة أن تقاليد المجتمع تفرض علىّ أن يكون معظم أصدقائى من الإناث، أنا مش عارفة ربنا هيحاسبنى كذكر أم كأنثى».