لا يصلح عمرو زكى فقط اسماً للاعب كرة موهوب ورائع.. وإنما يصلح كأحد العناوين أو التفاسير أو البراهين لتخلف الكرة المصرية إدارياً وإعلامياً وثقافياً وإنسانياً أيضاً.. وفى حقيقة الأمر هناك أكثر من حكاية عنوانها عمرو زكى.. ففى الحكاية الأولى نجد الطفل المصرى البسيط والفقير الذى يملك موهبة تقوده من المنصورة إلى إنبى إلى لوكوموتيف الروسى إلى الزمالك، ليصبح فى يوم ما أحد أكبر نجوم الدورى الإنجليزى، وأحد أهم رهانات المنتخب المصرى.. حكاية بات من الصعب تكرارها لأنه لم يعد هناك من يلتفت كثيراً للموهوبين الصغار والفقراء بعيداً عن القاهرة وأضوائها.. ففى الأسبوع الرابع عشر للدورى المصرى لم يسجل أهم وأجمل الأهداف إلا الأفارقة.. فرانسيس للأهلى، وبيكوى لبتروجيت، وكوداجى لطلائع الجيش، وبوبا للشرطة، وديفونيه لإنبى.. وفى الحكاية الثانية نجد النجم المصرى الذى يتألق فى أوروبا إلى درجة أن تتساءل جريدة «الميرور» عن السبب الذى يمنع الأرسنال من خطف عمرو زكى من ويجان.. ثم سرعان ما يغيب هذا التألق، لدرجة أن يصف ستيف بروس، مدرب ويجان، عمرو زكى بأنه اللاعب المصرى غير الملتزم وغير المنضبط.. فيعود اللاعب للزمالك نتيجة الطموح الغائب والأحلام الفقيرة، وغياب الثقافة والوعى لدى لاعبى الكرة فى مصر.. كلهم مع استثناءات قليلة يسافرون وفى جيوبهم تذاكر الرجوع، لأنهم يشتهون كافيهات المهندسين ومدينة نصر أكثر من التألق فى ملاعب العالم.. يرون ظهورهم على شاشة شوبير أو مدحت شلبى أو علاء صادق أو الغندور أجمل وأهم من ال«بى بى سى» وال«سى إن إن» وشاشات روما وباريس.. ينسحقون تماماً تحت عجلات الصراع الغبى الدائم بين الأهلى والزمالك فيعودون مأخوذين بأنهم كبروا لدرجة أن يتصارع عليهم أكبر ناديين فى مصر، مع أنه من الممكن بقليل من الصبر وكثير من الجهد أن يصبحوا مطمعاً لأكبر وأغلى أندية العالم.. ومن الضرورى هنا ملاحظة عابرة بشأن إعلام يبكى دائماً إن عادت الطيور المهاجرة للزمالك باعتبارها خيبة وتراجعاً، بينما إن عادت للأهلى فهى وطنية وانتماء.. وفى الحكاية الثالثة نجد عمرو زكى مصاباً فيثور جدل هائل وطويل حول من سيدفع فواتير العلاج.. هل هو اتحاد الكرة لأن اللاعب أصيب فى مباراة للمنتخب وباعتباره وقتها لاعباً مصرياً.. أم الزمالك باعتبار أن اللاعب محترف فى نادى الزمالك.. ويطول الصراع بين الهيئتين كاشفاً وفاضحاً ومؤكداً أنه لا اتحاد الكرة يعرف حدوده والتزاماته وواجباته، ولا الزمالك يجيد الدفاع فى قضاياه عن حقوقه حتى بلغ الأمر ببعض مسؤولى الزمالك التهديد والتفكير فى اللجوء للفيفا لتصبح فضيحة جديدة لمنظومة الكرة فى مصر وكل مؤسساتها.. وبهذه المناسبة.. لابد أن تضحك حين ألفت انتباهك لما لم يتوقف عنده أحد من قبل.. ففور اكتشاف إصابة عمرو زكى.. تقرر سفره إلى ألمانيا للعلاج.. ولا أحد يعرف لماذا ألمانيا تحديداً وفى كل مرة ومهما كانت الإصابة أو الجراحة المطلوبة.. هل هى ضرورة علمية وفريضة كروية أم أنها مصالح خاصة وتربيطات دائمة.. المهم أنه حين تبين أن عمرو زكى لا يملك التأشيرة الأوروبية لدخول ألمانيا.. قرروا وبكل بساطة واستغفال واضح لعقولنا كلنا أن ألمانيا ليست ضرورة ومن الممكن علاج عمرو زكى فى لندن، لأنه يملك تأشيرة لدخولها.. هكذا مرة واحدة باتت تأشيرات الدخول هى التى تحدد مسارات العلاج والأطباء والمستشفيات.. وفجأة يقرر الزمالك صرف النظر عن السفر أصلاً وعلاج عمرو زكى فى القاهرة.. ولم يقل لنا أحد إنه طالما العلاج فى القاهرة ممكناً ومتاحاً فلماذا كانت ألمانياً أصلاً.. وكم لاعب مصرى سافر إلى ألمانيا من قبل دون ضرورة.. وأرجوك لا تضحك لأنه ضحك كالبكاء. [email protected]