فى مدرسة من مدارس زينهم فى السيدة زينب، مدرسة من المقرر أنها تجريبية تُعنى بتعليم اللغات، يجلس طلبة الصف الثالث الابتدائى يتابعون حصة اللغة الإنجليزية، أطفال فى التاسعة من عمرهم، يعنى السن التى تقترب من المراهقة ولكن لايزال طفلاً، بمعنى أدق طفل تستطيع محادثته وإجراء حوار معه هو من المفترض أن يكون قد تعلم الصلاة وبدأ فى ممارستها.. لو أنه يمارس رياضة فهذه السن التى يتعلم فيها قواعدها، يعنى التاسعة، سن أشبه بالوعاء، ما تضعه فيه هو ما يبقى، وعمر طفل فى التاسعة وواحد من مجموعة كانوا يتابعون حصة الإنجليزى فى الفصل والأستاذ يشرح وكما يحدث فى كل فصول العالم تجد وسط المجموعة طفلاً أشقى من الآخرين أو أكثر حركة أو أقل انضباطاً أو أقل حتى أدباً.. وعلى المدرس أن يتعامل مع كل طفل على حدة، المهم أثار غضب الأستاذ تلميذ كان لا يعير الحصة اهتماماً بعدها كان خطأ عمرو الجسيم عندما سأل المدرس عن درجته فى الامتحان.. وكأن سؤاله الذى قد يبدو طبيعيا أو حتى بريئاً قد أتى فى وقت لم يره المدرس مناسباً فغضب بشدة وقرر معاقبة عمرو.. فقام بتكتيف يديه وطلب من فتاتين فى الفصل صفعه على وجهه.. والإهانة هنا من شقين: أولاً أن عمرو صُفع، والصفعة على الوجه تعتبر دوماً أشد أنواع الأذى، وثانياً أن من صفعه كن فتيات ونحن فى مجتمع لايزال ينظر للولد على أنه أفضل من البنت وأعلى درجة.. لهذا فإن إهانة المدرس لعمرو مزدوجة وطبعاً هناك جانب آخر هو استغلال طالب أو طالبة فى تنفيذ العقوبة على زميل، يعنى إلى الأبد سيظل عمرو يتذكر كلما رأى الفتاتين أنهما ضربتاه بالقلم أو صفعتاه، وهذه ناحية سيئة.. الفتاتان لم تجرؤا على رفض تنفيذ أمر المدرس فنحن فى مجتمع لم يعودنا - على رأى إعلانات القطارات - أن نقول للغلط لأ بل الأسوأ أن الفتاتين ربما لم تشعرا بالذنب ولم يفكر ولى أمرهما بالشكوى للمدرسة لأننا تعودنا أن نشتكى عندما نُضرب لا عندما نمارس سلطة خاطئة.. بل على العكس تحول الموضوع فى منزل الفتاتين إلى نكتة وحكاية يحكيها الكبار حولهما دون حتى علامة استغراب.. ما حدث لعمرو دليل على أننا نعيش فى مجتمع ملىء بالنماذج المريضة، والكارثة عندما يكون المدرس أحدها.. لن أردد أبيات شوقى التى تشبه المعلم بالرسول، ولن أجد أعذاراً مثل الظروف الاقتصادية السيئة التى تعم على الكل بل إنها على ولى الأمر قبل المدرس فكلنا فى الهم سواء.. ولكن مجتمعاً يحلم بالديمقراطية والرقى لن يتحقق له هذا إلا عندما يتخلص من أمراضه النفسية وعقده وخوفه.. مرة أخرى أردد شعار المواصلات ونقول للغلط لأ، وعلى الحكومة أن تحاسب هذا المدرس، وعلى أولياء أمور المدرسة أن يتكاتفوا لرفض ما حدث.. أما عمرو.. فأتمنى ألا يتحول إلى شخص يجد متعته فى إهانة النساء مستقبلاً.. أو العكس.. وفى الأمرين كارثة نفسية. [email protected]