كلام فى الحب ورد فى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وأذكر لحضرتك عدة أمثلة بعضها قد يثير دهشتك، وهناك مثلا حديث لافت للنظر يقول فيه عليه الصلاة والسلام: «حبك للشىء يعمى ويصم»، وجاء فى القرآن الكريم بسورة آل عمران: «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله»، وهناك حديث آخر مثير للجدل: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»، وتستطيع تفسير ذلك بكلام آخر ورد عنه- صلى الله عليه وسلم- يقول فيه: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه طبقاً لما جئت به». ويلاحظ أن كل ما ذكرته يكمل بعضه البعض، وأسارع أولا إلى تفسير ما قاله «لا يؤمن أحدكم» فهو لم يقصد أنه خارج عن ملة الإسلام، بل يعنى أن إيمانه غير مكتمل! ويعجبنى جداً الحديث الأول الذى ذكرته: «حبك للشىء يعمى ويصم»! وهذا صحيح وتجده واضحاً فى عصرنا الحديث بالذات.. واحد بيحب الفلوس أو المنصب أو منافق عايز يوصل فحبه هذا يجعله يبرر كل شىء لنفسه وضميره مستريح تماما، وصاحبه أعطاه إجازة!! ولذلك أتعجب من أساتذة محترمين دخلوا مجال السياسة وتلوثوا وتغيرت أحوالهم! أو واحد ابن عيلة محترمة، لكن رغبته فى الثراء جعلته يتخلى عن الكثير من المبادئ التى كان يعتنقها أيام زمان! وهناك من تجده ضعيفاً أمام النساء، ورغم أنه قد يكون متزوجاً فإن هذا لا يمنعه من خيانة شريك العمر المرة تلو الأخرى، وكل أبناء آدم يخطئون وهناك حديث شريف يؤكد ذلك ويختمه عليه الصلاة والسلام قائلا: «وخير الخطائين التوابون» يعنى ضميره استيقظ وندم على ما فعله أما حديث «حبك للشىء يعمى ويصم» فهو لا ينطبق إلا على من استسلم تماماً للشهوة التى امتلكته وبهذه المناسبة أرى أن من أخطر الآيات التى جاءت فى القرآن الكريم تلك الآية التى تقول: «قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً؟ الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً» (سورة الكهف) رقم 104 الجزء السادس عشر من كتاب الله. ومن فضلك أرجوك أن تتأمل هذه الآية المرة تلو الأخرى، وبعد أن تقرأ مقالى عد إليها من جديد، وتوقف عندها وحاول أن تطبقها على نفسك، لأن كل إنسان فى الدنيا يشعر بأنه يفعل «الصح» بينما الأمر قد لا يكون كذلك. ومن تلك الآية الخطيرة انطلق فى تفسير الحديث الشريف: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه طبقا لما جئت به»! وهذا كلام معقول، فلا أتصور واحداً إيمانه «زى الفل» ثم تكون أخلاقه «زى الزفت»!! ولكى تنصلح أحواله لابد أن يكون بسلوكه قريباً من تعاليم الدين بدرجة أو بأخرى، ولا يشترط أن يكون ملاكا، بل يكفى أنه عارف ربنا كويس فى كل ما يفعله، وإذا أخطأ فهذا استثناء، لكن أخلاقياته والحمدلله تشهد بأنه إنسان مؤمن! والإيمان ليس كلمة تقال بل إنه ما وقر فى القلب وصدقه العمل كما جاء فى الحديث النبوى الشريف، وهذا تفسير لما جاء فى القرآن الكريم: «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله» يعنى الحب الأفلاطونى أو النظرى مرفوض، بل لابد من سلوك عملى يؤكده! ولذلك أتعجب من هؤلاء البعيدين عن تعاليم الدين ثم يقول الواحد منهم دون خجل: بينى وبين الله عمار! وحبى لربنا فى قلبى! وأسأله: وبأمارة إيه يا أستاذ هذا الحب؟؟ وما الذى يدل عليه من تصرفات حضرتك؟؟ وهناك من يتعجب من الحديث الشريف القائل: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»، بل يمكن أن يستنكره والعياذ بالله، ويتساءل عن مدى صحته، فهو يريد أن يتفلسف بدلاً من السؤال عن حقيقة ما قصده عليه الصلاة والسلام من حديثه هذا، فأنت إذا كنت مؤمنا بحق جعلت نبى الإسلامى رقم واحد فى حياتك إذا كنت مسلماً، والسيد المسيح فى المرتبة ذاتها عند الإقباط وأى كلام آخر لا أفهمه، فهؤلاء الأنبياء قيمة كبرى أهم من أى إنسان تعرفه ولو كان من أقرب الناس إليك.