تشكل مدينة الخليل بقعة ملتهبة وبرميل بارود كامناً فوق أرض متنازع عليها - طال فيها التقسيم المسجد الإبراهيمى - بين فلسطينيين، لهم حق تاريخى فى الأرض، ومستوطنين، تصفهم أدبيات المقاومة بأنهم «أكثر أهل الأرض عنفاً»، ويعزز هذا الوضع الشاذ تحذيرات مدير أوقاف الخليل زيد الجعبرى من اندلاع انتفاضة ثالثة بعد قرار إسرائيل التصعيدى ضم الحرم الإبراهيمى للمواقع التراثية الإسرائيلية، بما يعنى طمس معالمه التاريخية الإسلامية، وسط تجاهل اليونسكو، أهم المنظمات الدولية المعنية بالحفاظ على التراث الإنسانى. كغيرها من مدن الضفة، التى احتلتها إسرائيل عام 1967، جرت فى الخليل عمليات «إحلال» مبرمجة حتى قبل هذا التاريخ، منذ أربعينيات القرن الماضى، لفرض تركيبة سكانية يهودية جديدة على المجتمع الفلسطينى، وإزالة كل المعالم العربية والإسلامية، لكنها فى الخليل، عمدت إلى إحاطتها بأحزمة استيطانية بلغ عددها 34 - كان أولها «كريات أربع» - كما أحاطتها بالحواجز العسكرية المنتشرة على جميع مداخل المدينة، بل وأنشأت فى قلبها حياً يهودياً أشبه بجيب محصن، قبل أن يكتمل تطويق المدينة وإحكام حصارها جغرافياً وسكانياً، ليعيش الآن نحو ما يتراوح بين 600 و800 يهودى وسط ما لا يقل عن 200 ألف فلسطينى.